* الأمن الشامل في بلاد الملك العادل
* الإمام عبد العزيز آل سعود
كنت صاعدا مرة من مكة إلى الطائف ، وكانت معي عباءة إحسائية سوداء ، جعلتها وراء ظهري في السيارة ، فيظهر أنها سقطت من السيارة في أرض لقيم ، ولم ننتبه لها ، فأخذ الناس يمرون ، فيرون هذه العباءة ملقاة على قارعة الطريق ، فلا يجرؤ أحد أن يمسها ، بل شرعت القوافل تتنكب عن طريق لقيم عمدا ، حتى لا تمر على العباءة ، خشية أنه إذا أصاب هذه حادث يكون من مر من هناك مسؤولا ، فكانت هذه العباءة على الطريق أشبه بأفعى يفر الناس منها ، بل لو كانت ثمة أفعى ما تجنبوها هذا التجنب كله؟ وأخيرا وصل خبرها إلى أمير الطائف محمد بن عبد العزيز ، من سلالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فأرسل سيارة كهربائية من الطائف أتت بها ، وأخذ بالتحقيق عن صاحبها ، فقيل له : إننا نحن مررنا من هناك ، وإن الأرجح كونها سقطت من سيارتنا ، فجاء الأمير ثاني يوم يزورنا ، وسألنا : هل فقد لكم شيء من حوائجكم في أثناء مجيئكم من مكة؟ فأهبت برفاقي ليتفتقدوا الحوائج ، فافتقدوها فإذا بالعباءة السوداء مفقودة ، وكنا لم ننتبه لفقدانها ، فقلنا له : عباءة سوداء إحسائية قال : هي عندنا ، وقص علينا خبرها.
وقد أتيت على هذه النادرة هنا مثلا من أمثال لا تعد ولا تحصى من الأمن الشامل للقليل والكثير في أيام ابن سعود ، مما لم تحدث عن مثله التواريخ حتى اليوم ، فالمكان الذي سقطت في العباءة كان في الماضي كثيرا ما تقع فيه وقائع السلب والقتل ، ولا يمر الناس فيه إلا مسلحين ، فأصبح إذا وجدت لقطة هناك على قارعة الطريق تجنب الناس الطريق لئلا يتهموا بها إذا فقدت ، وكل يوم يأتي الشرطة والخفراء والعسس بلقط وحاجات ضائعة مما فقده السفار ، أو سقط بدون انتباه عن
पृष्ठ 186