فيسير نحو نصف الساعة ، فإذا هو أمام نهر في باحة واسعة الجوانب ، يسمونها القانس ، بالكاف المعقودة وهي موضع سوق عكاظ ، الذي لا تكاد تقرأ كتابا من كتب الأدب ، أو التاريخ العربي ، إلا وجدت له ذكرا فيه.
وهذه الباحة التي يسمونها القانس ، هي مجتمع الطرق إلى اليمن والعراق ومكة ، وهي مرتفعة ، تشرف على جبال اليمن ، وبينها وبين الطائف مرحلة واحدة.
كل ذلك يدلك على ما دعا العرب في الجاهلية لاختيار هذه البقعة المتوسطة من دون غيرها ، لتكون مجمعهم الأكبر ، ومعرضهم الأشهر ، ولم أجد فيما بين يدي من مصنفات التاريخ تعليلا لاتفاق القبائل على الاجتماع في هذا المكان غير ما عرفته الآن.
والواقف في القانس أو عكاظ يرى على مقربة منه موضعين مرتفعين ، أحدهما يسمى الدمة بكسر ففتح والآخر البهيتة بصيغة التصغير وعكاظ هو الفاصل بين الدمة والوادي الموصل إلى الطريق التي يمر بها سالكو درب السيل اليمانية ، ثم نقل قول ياقوت عن عكاظ وختم بقوله : وسمعت كثيرا من أهل الطائف يقولون : إن عكاظا كان في مكان يعرف اليوم باسم القهاوي ، في وادي لية من الطائف ، غير أن الشيوع يؤيد ما قلناه آنفا من أنه هو القانس نفسه ، وعليه أكثر العارفين من أهل هذه الديار (1) ا ه.
أفلا يحتمل أن يكونوا أقاموا السوق مرة في القانس ، ومرة في المكان المسمى اليوم بالقهاوي؟ على أن قول الأخ الزركلي (إن القهاوي هي في وادي لية) فيه نظر ، لأن القهاوي ليست في وادي لية ، ولا وادي لية قريب من هناك ، فقد عرفت وادي لية ، وسأتكلم
पृष्ठ 169