الشريف من فاس، فسرحه القائم بالأمر يومئذ، الوزير عمر بن عبد الله، فانطلق إلى تلمسان. وتلقاه أبو حمو براحتيه، وأصهر له في ابنته، فزوجها إياه، وبنى له مدرسة جعل في بعض جوانبها مدفن أبيه وعمه. وأقام الشريف يدرس العلم إلى أن هلك سنة إحدى وسبعين. وأخبرني ﵀، إن مولده سنة عشر.
ومنهم صاحبنا الكاتب القاضي أبو القاسم محمد بن يحيى البرجي من برجة
الأندلس. كان كاتب السلطان أبي عنان، وصاحب الإنشاء والسر في دولته، وكان مختصًا به، وأثيرًا لديه. وأصله من برجة الأندلس، نشأ بها، واجتهد في العلم والتحصيل، وقرأ، وسمع، وتفقه على مشيخة الأندلس، واستبحر في الأدب، وبرز في النظم والنثر. وكان لا يجارى في كرم الطباع، وحسن المعاشرة، ولين الجانب، وبذل البشر، والمعروف، وارتحل إلى بجاية في عشر الأربعين والسبعمائة، وبها الأمير أبو زكرياء ابن السلطان أبي يحيى، منفردًا بملكها، على حين أقفرت من رسم الكتابة والبلاغة، فبادرت أهل الدولة إلى اصطفائه، وإيثاره بخطة الإنشاء، والكتابة عن السلطان، إلى أن هلك الأمير أبو زكرياء، ونصب ابنه محمد مكانه، فكتب عنه على رسمه، ثم هلك السلطان أبو يحيى، وزحف السلطان أبو الحسن إلى إفريقية، واستولى على بجاية، ونقل الأمير محمدًا بأهله وحاشيته إلى تلمسان، كما تقدم في أخباره. فنزل أبو القاسم البرجي تلمسان وأقام بها، واتصل خبره بأبي عنان، ابن السلطان أبي الحسن، وهو يومئذ أميرها. ولقيه، فوقع من قليه بمكان، إلى أن كانت واقعة القيروان.
وخلع أبو عنان، واستبد بالأمر، فاستكتبه وحمله معه إلى المغرب، ولم يسم
1 / 71