139

============================================================

ولولا ذلك ما وجد ألما. ألا تراه إذا خرج الروح منه ، لو حرق بالنار ما وجد لذلك ألما" فإذا كان البدن إنما يألم بالروح، فما ظنك بالروح إذا كان هو المجذوب من كل عرق ومفصل، وأصل كل شعرة وبشرة من أعلاه وأسفله وجميع بدنه ، فلا تسأل عن ألمه وكربه ووجعه.

وقد يروى آن الموت أشدة من ضرب بالسيوف، ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض، لأن ضرب السيوف ونشر المناشير إنما يؤلم البدن بالروح، فإذا كان الروح هو المباشر بالأخذ والجذب فذلك أشد ألما ووجعا، وإنما صار المضروب بالسيف وغيره يستغيت ويصيح، لأن القوى بعد فيه باقية، واللسان مطلق.

وإنما انقطع صوت الميت لأن الكرب قد تبالغ فيه وتصاعد، وغلب على كل موضع، فهد كل قوة وكسر كل جارحة، وتغشى العقل وقلص اللسان وأبكمه ، فان فضلت فيه فضلة قوة، سمعت له خوارا لجذب روحه، وأنينا وغرغرة بروحه في حلقه، قد تغير لذلك لونه حتى ظهر منه أصل طبعه الذي منه خلق وعليه طبع فرأيت كالتراب على وجهه (1) ، قد تغير لونه وجذب كل عرق منه على حياله، حتى ترتفع الحدقتان إلى أعالي الجفون، ويقلص اللسان إلى أصله ، وجفت الشفتان وقلصتا، وارتفعت الأنثيان إلى الحالبين، ومن المرأة الثديان حتى لا يبقى إلا أقلهما وجفت الاعصاب ويبست .

فلا تسأل عن بدن مجدل (2) تجذب عروقه وأعضاؤه وبشرته، ثم يموت عضوا عضوا على حياله، فتخضر آنامله ثم تبرد قدماه، ثم تبرد ساقاه، ثم فخذاه بسكرات وكرب يتغشاه، وكرب من بعد كرب، وسكرة من بعد سكرة مع كل جذبة، حتى (1) انظر تفاصيل أخرى في هذا الموضوع عن الروح في "الأمد الأقصى" لابن زيد الدبوسي الحنفي .

باب أصل الخلقة. وباب الفصول الأربعة. تحقيق محمد عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية .

بيروت - لبنان.

(2) يعني : مطروح مصدوع.

पृष्ठ 138