خسرو برويز هرمز:
لما بلغه خبر أبيه قدم المدائن وأصبح ملكا، والتمس العذر من أبيه، وشاء أبوه أن ينتقم منه، فثار بهرام، فهرب برويز منه ومضى إلى الروم، وطلب يد ابنة القيصر، وقدم العراق وحاربه بهرام، فهرب منه بهرام ومضى إلى التركستان، وهناك قتلته زوجة الخاقان بالسم، ويقولون: إن ملوك شروان وأصفهبد وكيلان من نسل بهرام جوبين.
وبلغ برويز الغاية فى الملك لأنه تفوق على ملوك الدنيا جميعا، وظهر فى عهده ما لم يره ملك آخر، أولها إيوان كسرى الذى يقول أكثر الناس: إنه هو الذى أتمه واستمتع به، وكان له تاج مصنوع من ذهب يزن ستين منا، مزين بجواهر لم ير ملك مثلها قط، وله عرش جميل من العاج والساج المرصع بالجواهر تبرز منه صور جميلة للأفلاك والبروج وشكل الأرض وفيه صور جميع الأقاليم، كما توجد صورة جميلة مثل شيرين التى كانت مشهورة بجمالها فى الدنيا، وكانت أسطورة الزمان، ولما وصل إلى حد الكمال اتجه إلى الزوال.
شعر
إذا تم أمر دنا نقصه
توقع زوالا إذا قيل تم
وفى آخر أيامه كتب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) رسالة إليه دعاه فيها للإسلام، ولما نظر برويز فى الرسالة ورأى اسم محمد فوق اسمه، غضب ومزق الرسالة، فبلغ الخبر المصطفى (عليه السلام) فقال:" مزق الله ملكه كما مزق كتابى" 33، واستجاب الله دعاءه، وأرسل برويز أمرا إلى باذان بن ساسان الذى كان ملك اليمن قائلا: قل للرجل الذى ادعى النبوة فى تهامة أن يعود إلى دينه وإلا أرسله إلى، فأرسل باذان فيروز الديلمى، ولما وصل إلى الحضرة عرض الرسالة، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): لقد قتلوا برويز البارحة، فتحققوا من الأمر فجاء صحيحا، فأسلموا جميعا، وكان سبب قتله أنه كان يحقر العظماء فنفروا منه جميعا. وفضلوا عليه ابنه شيرويه الذى اعتبروه قاتل أبيه، وكانت مدة ملكه ستة وثلاثين عاما.
पृष्ठ 78