وبعد يزدجرد فإن عظماء الفرس بسبب مكابدتهم الشدائد الكثيرة من أبيه جعلوا من يسمى كسرى الذى كان من نسل أردشير ملكا عليهم. وقدم بهرام مع النعمان بن المنذر، فاستقبله عظماء الفرس، وقالوا: رأينا من أبيك ظلما شديدا ولا نرضى مطلقا أن يكون من نسله شخص ملكا علينا، فاستمالهم بهرام وقال: معلوم لى أنى لا أسلك إلا طريق العدل وأنتم اخترتم شخصا وجعلتموه ملكا وأنا أبطل سعيكم، ضعوا غدا تاج الملك بين أسدين مفترسين جائعين، ومن يحمل التاج ويضعه على رأسه يكون له الملك، ففعلوا هذا وكان بهرام وكسرى حاضرين، ولما رأى كسرى الأسدين الجائعين قال: الروح لى أفضل من الملك، فتقدم بهرام وقال: كل من على رأسه تاج ينبغى له أن يكون مغامرا، وهجم على الأسدين وقتلهما جميعا، ووضع التاج على رأسه، وأصبح ملكا وزان الدنيا بالعدل والإنصاف، وقدم للنعمان خدمات جليلة وعاد، وبعد ذلك عاد إلى سروره وبهجته وبالغ فى هذا كثيرا، وغفل عن أمر الرعية، وآثر المتعة الشخصية على سياسة الملك، واختار النظر فى الأمور العارضة حتى وصل الخبر إلى خاقان الترك فاغتنم الفرصة، وقصد هذه الديار بجيش جرار، وكان بهرام غافلا عن هذا، ووضع رأسه على وسادة السكر وولى ظهره للحرب، وأبلغه لسان الزمان هذه الرسالة.
شعر
أيها الملك أى شىء سوف يظهر من هذه الخمر الكثيرة
وأى شىء سوف يظهر من هذا السكر الذى لا حد له
الملك ثمل والدنيا خربة والعدو فى الأمام والخلف
فانتبه أى شىء سوف يظهر من هذا
पृष्ठ 70