ينقل كلام الإمام الغزالي -باختصار شديد- ثم يقول في ختام المسألة:
" ... العقل لا دخل له في الحظر والإباحة..... وإنما تثبت الأحكام بالسمع.
وقد دل السمع على الإباحة على العموم بقوله تعالى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ ١ وبقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ﴾ ٢ وقوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ....﴾ ٣ وبقوله ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ...﴾ ٤ ونحو ذلك.
وقول النبي ﷺ: "..... وما سكت عنه، فهو مما عفا عنه" "٥".
٤- كما أن منهجه: أن يوضح حقيقة الخلاف والآراء المنسوبة إلى المذاهب، فقد ينقل الغزالي عن الحنابلة رأيًا معينًا، بينما يكون في المسألة روايات أخرى لم يذكرها، فيوضح ابن قدامة ذلك، ويبين الرواية الراجحة والمرجوحة، ومن أمثلة ذلك: ما جاء في "مسألة الفرض والواجب" وهل هما بمعنى واحد أو مختلفان؟
يقول الغزالي: "فإن قيل: هل من فرق بين الواجب والفرض؟ قلنا:
_________
١ سورة البقرة من الآية: ٢٩.
٢ سورة الأعراف من الآية: ٣٣.
٣ سورة الأنعام من الآية: ١٥١.
٤ سورة الانعام من الآية: ١٤٥.
٥ رواه الترمذي في سننه "١٧٢٦" وابن ماجه "٣٣٦٧" والحاكم في المستدرك "٤/ ١١٥" والبيهقي "٩/ ٣٢٠" عن سلمان الفارسي ﵁ قال: سئل رسول الله ﷺ عن السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه" والمراد بالفراء: حمار الوحش، أو الذي يلبس، وسيأتي الكلام على سند الحديث وما فيه في مسألة: حكم الأشياء قبل ورود الشرع.
1 / 36