وللمحبة وُجِدَتِ الأرضُ والسموات، وعليها فُطِرَتِ المخلوقاتُ، ولها تحرَّكت الأفلاكُ الدائرات، وبها وَصَلتِ الحركاتُ إلى غاياتِها، واتَّصلتْ بداياتُها بنهاياتِها، وبها ظَفِرتِ النفوسُ بمطالبها، وحَصَلتْ على نَيْلِ مَآرِبها، وتَخَلَّصَتْ من مَعَاطِبها، واتخذت إلى ربها سبيلًا، وكان لها دونَ غيرِه مأمولًا وَسُولًا، وبها نالتِ الحياةَ الطيبةَ، وذاقتْ طعم الإيمان لمَّا رَضِيَتْ بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا (^١).
وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له شهادَةَ مُقرٍّ بربوبيتِه، شاهدٍ بوحدانيتِه، مُنقادٍ إليه بمحبَّته (^٢)، مُذْعِنٍ له بطاعتِهِ، معترفٍ بنعمتِه (^٣)، فارٍّ إليه من ذنبه وخطيئته، مُؤَمِّلٍ لعفوِه ورحمتِه، طامعٍ [٢ أ] في مغفرته، بريءٍ إليه من حَوْلِه وقوَّتِه، لا يَبْغِيْ (^٤) سِواه ربًّا، ولا يتخذ من دونه وليًّا ولا وكيلًا، عائذٍ به، مُلْتَجٍ إليه، لا يرومُ عن عبوديتِه انتقالًا ولا تحويلًا. وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وخِيَرَتُه من خَلْقِه، وأمينُه على وَحْيِه، وسَفِيرُه بينه وبينَ عبادِه، أقربُ الخَلْقِ إليه وسيلةً، وأعظمُهم عنده جاهًا، وأَوْسَعُهُم (^٥) لديه شفاعةً، وأحبُّهم إليه، وأكرمُهم عليه.
_________
(^١) نظر المؤلف إلى حديث العباس بن عبد المطلب الذي أخرجه مسلم (٣٤).
(^٢) ش: «لمحبته».
(^٣) ش: «بنعمه».
(^٤) ش: «يبتغي».
(^٥) ش: «وأسعهم».
1 / 6