بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّر يا كريم
الحمدُ لله الذي جعلَ المحبَّةَ إلى الظفرِ بالمحبوبِ سبيلًا، ونصبَ طاعتَه والخضوعَ له على صدق المحبَّة دليلًا، وحرَّك بها النفوسَ إلى أنواع الكمالات إيثارًا لطلبها وتحصيلًا، وأودَعها العالم العُلْوِيَّ والسُّفليَّ لإخراج كمالِه من القوة إلى الفعل إيجادًا (^١) وإمدادًا وقبولًا، وأثارَ بها الهِمَمَ الساميةَ والعَزَماتِ العاليةَ إلى أشرفِ غاياتِها تخصيصًا لها وتأهيلًا. فسبحانَ من صَرَّفَ عليها القلوبَ كما يشاء ولما يشاء بقدرته، واستخرجَ بها ما خلقَ له كلَّ حيٍّ بحكمته، وصَرَّفَها أنواعًا وأقسامًا بين بَرِيَّتِه، وفصَّلها تفصيلًا (^٢)، فجعل كلَّ محبوبٍ لمُحِبِّه نصيبًا، مُخطِئًا كان في محبَّته أو مُصِيبًا، وجَعله بحبِّه منعَّمًا أو قتيلًا. فقَسَّمَها بين محبِّ الرحمن، ومحبِّ الأوثان، ومحبِّ النيران، ومحبِّ الصُّلبان، ومحبِّ الأوطان، ومحبِّ الإخوان، ومحبِّ النِّسوان، ومحبِّ الصبيان، ومحبِّ الأثمان، ومحبِّ الإيمان، ومحبِّ الألحان (^٣)، ومحبِّ القرآن. وفَضَّلَ أهلَ محبتِه ومحبةِ كتابِه ورسولِه على سائر المحبين تفضيلًا، فبالمحبة
_________
(^١) ش: «ايجدادا»، ويمكن أن تقرأ «إعدادًا».
(^٢) ش: «وفضلها تفضيلا».
(^٣) في ش: «محب الاحان ومحب الإيمان».
1 / 5