ما رفعت إليه مظلمة إلا كشفها، ولا نه على قضية إلا بحث عنها وعرفها ؛ فمن ذلك أن أحد الأمراء الذين هم في اعتقاله أودع في صندوق له جملة كبيرة من المال عند بعض الفقهاء في مدرسة، وكان عند الفقيه المذكور صبي يقرأ عليه، فأغفله ليلة وسرق الصندوق وخرج به، فأمسك، وأتي به إلى والي القاهرة، وكشف الحال، فاطلع على ذلك، فطالع به مولانا السلطان ، فأمر بإحضار الصندوق والفقيه، وفتح الصندوق، وسأله مولانا السلطان : « هذا المال لمن » ؟ فصدقه الفقيه - وكانت فيه جملة كبيرة - فقال مولانا السلطان للفقيه : «خذ هذا المال، واحفظه لصاحبه، وفي الله أمانتك ! ». فتسلمه الفقيه وخرج وهو يدعو.
ومن ذلك أنه أنهي اليه أن ما للصاحب شرف الدين الفائزي مودعة
السلطان، فقال بعض الحاضرين : « يطلب منهم فائدة هذا المال في طول هذه المدة ». فبلغي أن مولانا السلطان أخذ من وسط هذا المال شيئا، وقرئت تواريخه، وأسماء الملوك في السكك، فلم يوجد فيها شيء عليه اسم الملك المنصور، ولا الملك المظفر، ولا اسم مولانا السلطان. فقال : «هذا مال ما بيع فيه ولا اشتري، ولا تصرف فيه، ولو كان كذلك لكانت فيه هذه النقود ». وطلب الرشيد المذكور منه براءة شرعية، تسلم بها المال المذكور، وبرأ ذمته منه فيما بعد ؛ فأجابه السلطان إلى بغيته، وطلب قاضي القضاة والشهود، وفعل له ما برأ ساحته، وأحسن عاقبته .
حسن معاملته :
पृष्ठ 78