قال أحمد: إن هذا الكتاب قد حكاه أرطوطاليس عن هرمس. وقد وقع عندى. وجملة ذلك أنه أخرج فيه المنازل الثمانية والعشرين للقمر وأمر بالتقدم فى بعض الأمور إذا نزل القمر أحد المنازل ونهى عن بعض. فمن عدم من طلاب هذا العلم هذا الكتاب فليكن ابتداؤه فى العمل والقمر فى الثريا أو النعائم أو بطن الحوت. وليتحرز من الزبانا والدبران. ومن أفضل الأمور إفساد الكوكب المنصرف عنه القمر وصاحب الطالع فى وقت العمل وإصلاح من يتصل به.
قال أفلاطون: وإذا أردت القصد فحل الرباط، ولا يكون ذلك دون أن يلين.
قال أحمد: يعلمنا الفيلسوف أن الواجب علينا فى بدء ما نقصد إلى العمل أن نفك ارتباط الأشياء بعضها ببعض. وحكم أنه لا يكون ذلك دون تحلل الأشياء وتلينها بأن يستولى عليها الجزء المائى فيكون أقدر على تفريقها، لأن التفريق من جنس الهوائية، يكون للأجسام اليابسة الأرضية التى على مثلها يقدر العامل، لا يكاد الهواء أن ينفذ فيه. فإذا استولى عليه الجزء المائى داخله الهواء، إذ هو مخالط له، أعنى الماء، فيسهل من التفريق ما عسر قبل.
قال أفلاطون: والكيان أيضا يفعل ذلك، وبه يتم له.
قال أحمد: إن الكيان اسم لشىء من الأشياء، خصه أسماء كثيرة، وهو الشىء الذى تسميه الروم طولطسا أى المدبر، وتسميه الأطباء الطبيعة المفردة المدبرة لسائر الطباع، وهو الشىء الذى بقوته يحدث الكون والفساد وبه يكون النشوء. فيقول الفيلسوف إن تدبيره فى تغيير الأشياء كما مثله لنا، لأنه يحيل فى العالم الأشياء من الرطوبة إلى ما يخالفها فى الهيئة والتركيب.
قال أفلاطون: والتفريق بالمتضادين فى الطلب.
पृष्ठ 157