99

रादुबिस

رادوبيس

शैलियों

فقالت شيث تطمئنها: كلا يا مولاتي .. لن يترك قصره قبل أن ينزل عقابه بالثائرين. - رباه! .. أنت لا تعرفين من هو يا شيث .. إن سيدي غضوب لا يتقهقر أبدا، ولشد ما يخاف قلبي يا شيث! لا بد أن أراه الآن.

فارتجفت الجارية رعبا وقالت: هذا مستحيل .. فالسفن الغاصة بالهائجين تغطي سطح الماء، وحرس الجزيرة متجمع على الشاطئ.

فشدت على رأسها وصاحت: ما بال الدنيا تضيق في وجهي، والأبواب تسد علي؟ إني أتردى في بئر ضيقة من اليأس، آه يا حبيبي! .. كيف أنت الآن وكيف السبيل إليك؟

فقالت شيث تخفف عنها: صبرا يا مولاتي، ستنقشع هذه السحابة القاتمة. - يمزق قلبي إربا أن أشعر بأنه يتألم. آه يا سيدي وحبيبي! ترى ماذا يقع الآن من الحادثات في آبو؟!

وقهرتها الأحزان فانصهرت آلام قلبها وسالت دموعها ساخنة، وشدهت شيث لدى هذا المنظر الغريب إذ رأت رادوبيس ربيبة الحب والنعيم والترف تذرف الدمع وتتأوه من الألم واليأس، وفكرت في غيبوبة الحزن التي غشيتها فيما آلت إليه آمالها التي كانت مشرقة منذ قليل، وأحس قلبها ببرود اليأس، وتساءلت خائفة مذعورة: هل يمكن أن يرغموا مولاها فيفقدوه سعادته وكبرياءه أو أن يجعلوا قصرها هدفا لغضبهم ومقتهم؟ إن الحياة لا تطاق مع تحقيق أي من هذه الوساوس، ولخير لها أن تفارق الحياة إذا فرغت من مجدها وسعادتها، فإما أن تعيش رادوبيس التي حالفها الحب والمجد وإما أن تموت. وفكرت في أمرها طويلا حتى أحضرت لها ذاكرة الأحزان ما كانت أدرجته طوايا النسيان، فاستولى عليها اهتمام شديد، وقامت من فورتها وغسلت وجهها بماء بارد لتمحو أثر البكاء من عينيها، وقالت لشيث: إنها ستتحدث إلى بنامون في بعض الشئون. وكان الشاب منهمكا في عمله كعادته، غافلا عما يكدر صفو الدنيا من خطير الحدثان. ولما أحس بها أقبل نحوها فرحا، ولكنه سرعان ما وجم وقال: وحق هذا الحسن الإلهي إنك حزينة اليوم.

فقالت وهي تخفض ناظريها: بل تعبة فقط أو كالمريضة. - الجو شديد الحرارة، لماذا لا تجلسين ساعة إلى شاطئ البركة؟

فقالت باقتضاب: جئتك برجاء يا بنامون.

فعقد ذراعيه إلى صدره كأنما يقول لها ها أنا ذا طوع بنانك.

فقالت: أتذكر يا بنامون أنك حدثتني يوما عن السموم العجيبة التي ركبها أبوك؟

فقال الشاب وقد بدت على وجهه الدهشة: نعم، أذكر ذلك بغير ريب! - بنامون، أريد قارورة من هذا السم العجيب الذي أطلق عليه أبوك السم السعيد.

अज्ञात पृष्ठ