فهز هوف كتفيه استهانة وقال بهدوئه الغريب: هو كاهن كما ينبغي، وسياسي نافع، وليس من ينكر عليه قوة الإرادة، ونفاذ البصيرة.
وتململ الحاكم آني. وهز رأسه بشيء من العنف، وقال: لم يثبت إلى الآن إخلاصه للعرش!
فقالت رادوبيس بحدة: بل أعلن غير ذلك!
ولم يكن الفيلسوف يوافقهما، فقال: أنا أعرف خنوم حتب جيدا، وهو بلا شك مخلص لمولاه ولوطنه.
فقال آني بغرابة: لم يبق إلا أن تصرح بأن فرعون مخطئ! - كلا .. إن فرعون شاب سامي الآمال، يرغب في أن يكسو بلاده حلة من البهاء، ولن يأتي ذلك إلا بالاستعانة بجانب من موارد الكهنة.
فتساءل رامون حتب في حيرة شديدة: فمن المخطئ إذن؟!
فقال هوف: عسى أن يختلف اثنان وكلاهما على حق!
ولكن رادوبيس لم ترتح إلى تفسير الفيلسوف، ولم ترض عن الموازنة التي يجريها بين فرعون ووزيره، كأنهما ندان. وكانت تؤمن بحقيقة ثابتة، وهي أن فرعون سيد البلاد دون منازع، وأنه لا تجوز مخالفته بأي حال ولأي سبب، ونفر قلبها من كل رأي يخالف عقيدتها هذه، وصرحت برأيها لأصحابها، وختمت كلامها بقولها: إني أعجب متى آمنت بهذا الرأي؟!
فقال رامون حتب مداعبا: حين وقعت عيناك على فرعون لأول مرة .. لا تفرطي في العجب فالجمال مقنع كالحق سواء بسواء.
وضاق صدر المثال هنفر فصاح بصوت مسموع: أدرن الكئوس أيتها الجواري .. وهلمي أيتها الغانية رادوبيس أسمعينا لحنا شجيا، أو متعي أعيننا بحركة من الرقص الرشيق، فإن نفوسنا التي أسكرتها خمر مريوط، وهيأها العيد للفرح والمسرة، لتتوق إلى نشوة الطرب ولذعة المجون.
अज्ञात पृष्ठ