आधुनिक दर्शन की कहानी
قصة الفلسفة الحديثة
शैलियों
فكلما قلت رقابة الدولة على العقل ازداد المواطنون والدولة صلاحا. ومن أفدح الأخطار التي تهدد كيان المجتمع أن يمتد سلطان الحكومة من أجسام الناس وأعمالهم إلى نفوسهم وأفكارهم.
إذا ظفر الإنسان بهذه الحرية فلا يعنيه أي نوع من أنواع الحكومات يسود، فلتكن ديمقراطية أو أرستقراطية أو أي لون آخر، ما دام كل فرد تربى ويراض على تفضيل حق الجماعة على منفعته الخاصة، ولكن سبينوزا مع ذلك يميل إلى الديمقراطية ويمقت الملكية المستبدة. «قد يظن أن التجربة قد دلت على أن وضع السلطة كلها في رجل واحد يدعو إلى السلام وترابط الأفراد، وقد يستدل على ذلك بأنه ليس بين الدول دولة لبثت أمدا طويلا بغير تغير محسوس كما لبثت دولة الأتراك، ومن جهة أخرى لم يكن بين الدول أقصر أجلا من الدول الشعبية أو الديمقراطية، ولا كثر العصيان في دولة كما كثر في هذه. ولكن إن كانت البربرية والعبودية والذل تدعى سلاما، فليس أتعس للإنسان من السلام. فلا شك أن العراك يكثر ويشتد عادة بين الآباء والأبناء منه بين السادة والعبيد، ومع ذلك فليس من صالح الأسرة أن ينقلب حق الوالد إلى حق الملكية، وألا يعد الأطفال أكثر من عبيد، وإذن فوضع السلطة كلها في رجل واحد يؤدي إلى العبودية لا إلى السلام.»
فالديمقراطية هي خير أنواع الحكومة، ولكن الديمقراطية لا تخلو من عيب فادح، ذلك أنها تميل إلى وضع السوقة في مراكز القوة، ولكي نتقي هذا الخطر يجب أن نخصص الحكم لذوي الكفاية الممتازة والدراية الواسعة؛ لأنه لو تحكم السوقة في الأمر فلا بد أن تثور الطبقة الممتازة رافضة أن تذعن لمن هم أدنى منها وأوضع، وقد تستطيع هذه الطبقة بذكائها وقدرتها أن تظفر بالسلطان رغم قلة عددها، «ومن هنا فيما أظن تتحول الديمقراطية إلى أرستقراطية، ثم تنقلب هذه إلى ملكية آخر الأمر ...»
وشاء القدر أن يسدل الموت أستاره على حياة الفيلسوف وهو يكتب في هذا الفصل الذي يعالج فيه الحرية والمساواة بين الناس، وقد ترك بعد موته أثرا قويا في مجرى الفكر، وتأثر به فلاسفة كثيرون، وحسبك أن تعلم ما قاله هجل: «لن تكون فيلسوفا إلا إذا درست سبينوزا أولا.» (1-6) ليبنتز (1646-1716م)
ولد ليبنتز
Gottfrid Wilhelm Leibnitz
في ليبزج في اليوم الحادي والعشرين من شهر يونيو سنة 1646م (أو في الثالث من شهر يوليو) من أب نال من العلم قسطا وافرا، وكان أستاذا في جامعة ليبزج، وهي الجامعة التي تخرج فيها ابنه الفيلسوف.
التحق ليبنتز بجامعة ليبزج طالبا للقانون، ولكن ميله الغريب النادر إلى القراءة والمطالعة دفعه إلى اقتحام الكتب أيا كان لونها وعصرها، حتى أوشك أن يلم بكل ما أنتج العقل البشري من فكر، لا يفرق في ذلك بين قديم وحديث، وكان ليبنتز أكثر الفلاسفة اعتمادا على الكتب والمطالعة في اكتساب آرائه، وهو في ذلك على نقيض سبينوزا الذي لم يقرأ كثيرا، وإنما استمد أكثر آرائه من نفسه بالتفكير والتأمل.
ليبنتز.
ولقد حدت به سعة اطلاعه إلى تشعب أغراضه في البحث، فأراد أن يتناول بالدرس كل العلوم، فكان رياضيا وعالما في الفيزيقا ومؤرخا وميتافيزيقيا وسياسيا، ولم يكن فيما يكتب من بحوث يلم إلمامة سطحية عجلى، بل كان يتعمق في كل موضوع، ويضيف إليه نتاجا جديدا. وكان كل مطمحه من تلك الدراسة الفسيحة المتشعبة أن يوفق بين الآراء المتضاربة، وأن يجعل من التراث الفكري وحدة منسجمة لا تناقض فيها ولا خلاف، وطمع أن يوجد لغة جديدة تكتب بها الفلسفة في أنحاء العالم جميعا، وأمل أن يقارب بين الفكر القديم والفكر الحديث، ورجا أن يزيل ما قد نشب بين الطوائف الدينية من خلاف، ثم أراد في السياسة أن يؤلف حلفا بين الدويلات الألمانية المجاورة لنهر «الرين» لتقف سدا منيعا دون الأطماع الفرنسية التي كانت تتأجج في صدر لويس الرابع عشر حينئذ. وحاول أن يوجه ذلك الملك الفرنسي العظيم وجهة أخرى، حتى لا يطمع في غزو ألمانيا، فقدم إليه مشروعا بغزو فرنسا لمصر، وهكذا كانت طبيعة ليبنتز تنحو نحو التوفيق والتوحيد، وسترى ما بذل في فلسفته من مجهود في ذلك.
अज्ञात पृष्ठ