فحدجته بنظرة غريبة وهي تضيق عينيها، ثم قالت: السلطانة ليست في البيت.
فتساءل متظاهرا بالدهشة: أين هي يا ترى؟
فقالت وهي تهز رأسها، راسمة على شفتيها ابتسامة غامضة: علمي علمك.
فكر في إجابتها قليلا، ثم قال: ظننتها تطلعك على خط سيرها؟
فلوحت بيدها كالمستنكرة، وقالت: إنك حسن الظن بنا (ثم ضاحكة) السلطة العسكرية زمانها انتهى، وإن شئت فأنت أحق مني بالاطلاع على خط سيرها. - أنا! - لم لا، ألست صديقها القديم؟
قال، وهو يحدجها بنظرة باسمة عميقة ناطقة: الصديق القديم والغريب سواء، ترى هل يطلع أصدقاؤك القدماء على خط سيرك؟
رفعت منكبها الأيمن وهي تمط بوزها قائلة: ليس لي أصدقاء، لا قدماء ولا حديثون.
فراح يعبث بفردة شاربه وهو يقول: هذا كلام لمن لا عقل له، أما من له ولو شيئا من العقل فلا يتصور كيف يمكن أن تكوني بين قوم يبصرون ولا يستبقون إلى صداقتك. - إن هي إلا تصورات الكرماء أمثالك، ولكنها لا تعدو التصورات الخيالية، الدليل على هذا أنك صديق قديم لهذا البيت، فهل راق لك يوما أن تهبني قسطا من صداقتك؟
قطب في ارتباك، ثم قال بعد تردد: كنت وقتذاك، أعني أنه كانت ثمة ظروف.
ففرقعت بأصابعها، وقالت ساخرة: لعلها نفس الظروف التي حالت بيني - يا عيني - وبين الآخرين.
अज्ञात पृष्ठ