इंग्लैंड और स्वेज नहर: 1854-1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
शैलियों
الإسكندرية في مارس سنة 1952
الفصل الأول
مصر طريق للتجارة بين الشرق والغرب
أشرفت مصر على طريق التجارة بين الشرق والغرب حينا مذكورا من الدهر منذ أواخر العصور القديمة، وظلت تشرف على هذه الطريق خلال العصور الوسطى إلى أن انتصف تقريبا القرن الخامس عشر الميلادي.
وكان جانب كبير من تجارة الشرق في العصور الوسطي؛ نفائسه وكنوزه وتوابله وعطوره ومنسوجاته الحريرية والصوفية ومعادنه تأتي من الشرقين الأوسط والأقصى إلى البحر الأحمر لتنتقل عبر الأراضي المصرية في خليج السويس ثم في طريق مائية أو برية إلى النيل، ومنها إلى ثغور مصر على البحر الأبيض المتوسط، ثم تنتقل في ذلك البحر وهو الطريق العالمية المهمة للمواصلات، حيث ترسو على ثغور إيطاليا، ومن أهمها البندقية وجنوه، ومن هاتين المدينتين اللتين أصبحتا دولتين قويتين غنيتين، توزع في بقية أجزاء أوروبا الغربية والوسطى.
وجنت مصر من هذه التجارة الغنية - وكانت تجارة كماليات في الغالب - أرباحا طائلة، وكذلك كل الأمم المطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، التي كانت تقوم بنقل أو توزيع هذه التجارة أو الإشراف عليها، فلقد أصبحت الضرائب المفروضة على هذه التجارة موردا مهما من موارد الإيراد المصرية.
كانت مصر إذن حلقة مهمة في سلسلة المواصلات بين الشرق والغرب، وكان المصريون في مختلف العصور هم الذين يشرفون بالفعل على انتقال هذه التجارة داخل حدود بلادهم، ولم يكن هناك عنصر أجنبي له حق التدخل أو الهيمنة على الطريق التي تمر فيها هذه التجارة، وكانت حكومة مصر في كثير من العصور تمتع بالسيطرة التامة على البحر الأحمر وعلى شرقي البحر الأبيض المتوسط، وكانت لها الحرية المطلقة في التصرف بما تمليه مصالحها الخاصة ومصالح المصريين.
وترتب على ذلك أن أصبح البحر الأبيض المتوسط أهم طريق للتجارة العالمية بين الشرق والغرب. وأصبح للأمم التي تتصل بها مياهه التفوق في المضمارين التجاري والمالي.
وظلت الحال على ذلك إلى أن كاد ينتهي القرن الخامس عشر الميلادي، فشاهد العالم تغيرا هاما لا في وسائل النقل المختلفة، وإنما في الطرق التي تسير فيها تجارة العالم، شاهد تحولا واضحا عن البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلنطي.
وذلك بعد أن كشف البرتغاليون، وهم أولى الدول البحرية ظهورا في العصور الحديثة تلك الطريق البحرية الجديدة الطويلة حول رأس الرجاء الصالح، وكان الدافع الرئيسي لهذه الدولة هو الاستحواذ على تجارة الشرق الغنية، والوصول إلى مواطن الثروة فيه عن طريق لا يشرف عليه المسلمون ولا يسيطر عليه الأتراك العثمانيون، ولا تهيمن عليه مصر التي كانت حتى أواخر العصور الوسطى وأوائل العصور الحديثة مركز الإسلام وقلبه النابض وقوته المتفوقة وحصنه الحصين.
अज्ञात पृष्ठ