मिस्र की आदतों, परंपराओं और अभिव्यक्तियों का शब्दकोश
قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية
शैलियों
أصل النكتة في اللغة العربية النقطة من بياض في سواد أو من سواد في بياض تقول هو كالنقطة البيضاء في الثوب الأسود، ثم استعملت على طريق المجاز فيما جاء في وسط الكلام من عبارة منقحة أو جملة طريفة صدرت عن دقة نظر ولمعان فكر، أو مسألة لطيفة تؤثر في النفس انبساطا، يقولون: جاء بنكتة في كلامه، وقد نكت في قوله، ورجل منكت، ونكات بهذا المعنى، ثم استعملت في النوادر الظريفة تستثير الضحك وتبعث السرور، وفي هذا المعنى الأخير يستعملها المصريون فيقولون للرجل الذي يأتي بالنوادر المضحكة «ابن نكتة».
وقد اشتهر المصريون من قديم بالميل إلى الضحك وحب الهزل فقد نقل المقريزي عن أبي الصلت «أن أخلاق المصريين يغلب عليها الانهماك في الملذات والاشتغال بالترهات، وفي أخلاقهم من الملق والبشاشة ما أربوا فيه على من تقدم ومن تأخر.» ولا نريد أن نناقشه في قوله، فكل ما نريده هنا أنه يصف المصريين بالبشاشة وقد أداهم حب البشاشة هذا إلى حب النكتة.
وقد يتصل بها قول ابن خلدون، فإنه لما رأى المصريين قال: «أهل مصر كأنهم فرغوا من الحساب.» يريد بذلك أنهم لا يطيلون النظر في العواقب، وتبعه في ذلك تلميذه المقريزي فقال: من أخلاق أهل مصر الإعراض عن النظر في العواقب فلا تجدهم يدخرون عندهم زادا كما هي عادة غيرهم من سكان البلاد، بل يتناولون أغذية كل يوم من الأسواق بكرة وعشيا. وعدم الإمعان في حساب العواقب يستتبع الفرح والمرح؛ لأن الإنسان إذا لم يفكر في العواقب لم يحمل هما فيكون مجال النكت عنده فسيحا.
ومن غريب ما نلاحظه في هذا الباب أن أشد الناس بؤسا، وأسوأهم عيشة وأقلهم مالا وأخلاهم يدا أكثر الناس نكتة، ففي القهاوي البلدية حيث يجلس الصناع والعمال ومن لا صنعة لهم ولا عمل، وفي المجتمعات الشعبية حيث يجتمع البؤساء والفقراء نجد النكتة بينهم تحل محلا ممتازا.
ونجد ابن النكتة محبوبا مقدرا، يفتقد إذا غاب، ويبجل إذا حضر، كأن الطبيعة التي تداوي نفسها بنفسها رأت البؤس داء فعالجته بالنكتة دواء.
على كل حال شهر المصريون بالنكت يعجبون بها ويتفننون فيها وتتناقل بينهم في المجالس، وفيهم من يتحرى أخبار «آخر نكتة» كما يتحرى أخبار آخر ساعة وآخر سعر للقطن في «البورصة»، وقد شهرت القاهرة بذلك أكثر من غيرها من المدن والقرى؛ لأن «النكتة» تابعة للذوق، فإذا رقي الذوق رقيت النكتة.
ومما يؤسف له أن الأدباء والمؤلفين لم يعنوا بتدوين «النكت» عنايتهم بتدوين الأشعار والمقالات ترفعا منهم عن ذلك واستصغارا لشأن النكت وتحقيرا لها، وليسوا في ذلك منصفين، وأقرب مثال لذلك النكت البديعة التي كانت للمرحومين عبده البابلي وحافظ إبراهيم وغيرهما، فإنها تموت تدريجيا بمرور الزمان؛ لأنها لم تدون، مع أن بعض نكت حافظ قد تفوق بعض قصائده، وتدل على حضور البديهة وحسن الذوق أكثر مما يدل عليها الشعر، فحبذا لو التفت الأدباء إلى قيمة النكتة وعنوا بها عنايتهم بالأدب «الكلاسيكي».
ولكن بحمد الله لم نعدم في المصريين من عنوا بهذا الباب ودونوا فيه، وقد أردت أن أتتبع التأليف في هذا الباب ومشاهير المضحكين في مصر من عهد الفتح الإسلامي؛ ولكني وجدت ذلك يطول، فاكتفيت بإلمامة يسيرة فيما يتعلق بهذا الباب في العصر الحديث.
ولعل أجدرهم بالذكر مؤلف كتاب «هز القحوف في شرح قصيدة أبي شادوف» وهو الشيخ يوسف بن محمد بن عبد الجواد الشربيني، ومن الأسف أني لم أعثر على ترجمة لهذا الرجل، ولكني عثرت في أثناء الكتاب على أن المؤلف حج سنة 1107ه، وأنه كان واعظا فهو من علماء القرن الحادي عشر الهجري.
ولهذا الكتاب الذي يستهزئ به الناس قيمة كبرى، ففيه وصف اجتماعي دقيق لحالة الفلاحين في عصره وبؤسهم وظلم الحكام لهم وأنواع عاداتهم في المأكل والمشرب والزواج وغير ذلك، وفيه تدوين للغة الفلاحين كما ينطقونها وأغانيهم، وفيه حكايات ظريفة مما سمعها أو شهدها لولا أنه لا يعف عن ألفاظ الفحش، ويخيل إلي أن المؤلف رأس المدرسة التي عنيت بالتنكيت عن طريق اللعب بالنحو والخروج من باب إلى باب من غير مناسبة والمفارقات ونحو ذلك.
अज्ञात पृष्ठ