ومثلك قد أصبيت ليست بكنة
ولا جارة ولا حليلة صاحب
وردده الجواري عليه، فحرك معاوية يديه، وتحرك في مجلسه، ثم مد رجليه، فجعل يضرب بهما وجه السرير، فقال له عمرو: اتئد يا أمير المؤمنين، فإن الذي جئت لتلحاه أحسن منك حالا وأقل حركة، فقال معاوية: اسكت لا أبا لك، فإن كل كريم طروب.
وذكر ابن عميرة الضبي
4
في ترجمة محمد بن إسحاق بن السليم قاضي الجماعة بقرطبة أنه كان من العدول المرضيين والفقهاء المشهورين، وله عند أهل بلاده حالة مذكورة ومنزلة في العلم والفضل معروفة، وكان مع هيبته ورياسته حسن العشرة والأنس كريم النفس مات سنة 367، حدث القاضي أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث عرف بابن الصفار أن رجلا من أهل المشرق يعرف بالشيباني دخل الأندلس، فسكن بقرطبة على شاطئ الوادي بالعيون، فخرج قاضي الجماعة ابن السليم يوما لحاجة، فأصابه مطر اضطره إلى أن دخل بدابته في دهليز الشيباني فوافقه فيه، فرحب بالقاضي وسأله النزول، فنزل وأدخله إلى منزله وتفاوضا في الحديث، فقال له: أصلح الله القاضي عندي جارية مدنية، لم يسمع بأطيب من صوتها، فإن أذنت أسمعتك عشرا من كتاب الله عز وجل وأبياتا، فقال له: افعل، فأمر الجارية فقرأت له، ثم أنشدت فاستحسن ذلك القاضي، وعجب منه وكان على كمه دنانير، فأخرجها وجعلها تحت الفرش الذي جلس عليه، ولم يعلم بذلك صاحب المنزل، فلما ارتفع المطر ركب القاضي وودعه الشيباني، فدعا القاضي له ولجاريته.
ولا بأس هنا أن نختم هذا الفصل بأبيات في صنعة الغناء، نقلها الشريف المرتضى في أماليه قال: أخبرنا المرزباني قال: حدثنا علي بن هارون قال: حدثني أبي قال: من بارع شعر بشار قوله يصف جارية مغنية قال علي: وما في الدنيا شيء لقديم ولا محدث من منثور ولا منظوم في صفة الغناء، واستحسانه مثل هذه الأبيات:
ورائحة للعين فيها مخيلة
إذا أبرقت لم تسق بطن صعيد
من المستهلات الهموم على الفتى
अज्ञात पृष्ठ