ومنها أن صيفها خريف لكثرة فواكهه وشتاءها [ق 18 ب] ربيع لما يكون بمصر [حينئذ] (1) من القرظ والكتان.
ومن محاسنها: أن الذي ينقطع من الفواكه في سائر البلدان أيام الشتاء يوجد بمصر، ومنها أن أهل مصر لا يحتاجون في حر الصيف إلي استعمال الخيش والدخول في جوف الأرض كما يعانيه أهل بغداد ولا يحتاجون في برد الشتاء إلي لبس الفرو والاصطلاء بالنار الذي لا يستغني عنه أهل الشام كما أنهم أيضا في الصيف غير محتاجين إلي استعمال الثلج. ويقال زبرجد مصر وقباطي مصر وحمير مصر وثعابين مصر ومنافعها إلى الدرياق جليلة.
ومن فضائل مصر: أن الرخامة الخضراء التي في الحجر من الكعبة من مصر بعث بها محمد بن طريف مولي العباس بن محمد في سنة إحدي وأربعين ومائتين من الهجرة، ومعها رخامة أخرى خضراء وضعت علي سطح جدار الحجر عند الميزاب، وهما من أحسن الرخام وذرعها ذراع وثلاث أصابع (2). قال الفاكهي: في أخبار مكة:
ومن محاسنها أيضا: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم تسرى من أهلها مارية [ق 19 أ] القبطية أم ولده إبراهيم. قال بن عبد الحكم: لما كانت سنة ست من الهجرة بعث رسوا الله صلي الله عليه وسلم ابن أبي بلتعة (3) إلي المقوقس بكتاب من عند رسول الله صلي الله عليه وسلم فوجد المقوقس في الأسكندرية في مجلس مشرف علي البحر فركب البحر، فلما حاذي مجلسه أشار بكتاب رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أصبعيه، فلما رأه أمر به فاوصل إليه، فلما قرأ الكتاب قال: ما منعه إن كان نبيا أن يدعوا علي. فقال له الرسول وقيل إن كان اسمه حاطب. وفي رواية أخري ما منع عيسي بن مريم أن يدعو علي من أبي عليه.
فسكت المقوقس ساعة ثم استعادها منه فأعادها عليه حاطب، فسكت ساعة، فقال له حاطب:
أنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلي فانتقم الله منه. فاعتبر بغيرك ولا تعتبر بك وإن لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه وهو دين الإسلام وما بشارة موسي بعيسي إلا كبشارة عيسي
पृष्ठ 30