دورها بتغير البيئة والأزمان ويرتقى مع تقدم العمران (٤٤) . وفي هذا ما يؤسس للطرائق والتقنيات التى اعتمدها الطهطاوى في إعادة تشكيل كتابة السيرة النبوية ليواجه متطلبات جديدة طرحها واقع جديد.
(٥) تتصل كتابة الطهطاوى السيرة النبوية بتقاليد كتابة السيرة النبوية في التراث العربى السابق عليه، كما ترتبط بطرائق الكتابة والتشكيل في الرواية التاريخية والرواية التعليمية المعاصرتين له. وتتكشف تلك الصلات- أكثر ما تتكشف- فى التشكيل السردى الذى صاغ فيه الطهطاوى كتابته، ويقوم على ذلك التشكيل على عدة عناصر هى: تنظيم الواحدات السردية الكبرى، والاعتماد على تقنية الإيجاز والحذف، والركون إلى تقنية الاستطراد، ثم توظيف الشعر داخل الكتابة السردية.
وبقدر ما تمارس تقنيتا الإيجاز والحذف والاستطراد تأثيرات متعددة في إطار الواحدات السردية (الكبرى والوسطى والصغرى) فى سيرة الطهطاوى فإن أدوارهما في تشكيل.
الواحدات الوسطى تحمل دلالات واضحة على المنحى التجديدى في كتابة الطهطاوى للسيرة النبوية، ومن هنا ضرورة التوقف أمام نموذج من نماذج تشكل الواحدات الوسطى.
وبقدر ما تمثل العناصر السابقة متن السيرة النبوية عند الطهطاوى فإنها تكشف عن كون الطهطاوى نموذجا لذلك الراوى المفارق لمرويه.
(١/ ٥) تنتظم السيرة النبوية لدى الطهطاوى في ست واحدات سردية كبرى، هى على تتابعها: المولد، والمبعث، والهجرة، وظواهر ما بعد الهجرة، ثم وفاة النبى (ص) وذكر بعض أخلاقه وصفاته ومعجزاته وأزواجه وأعمامه وعماته وأخواله ومواليه وخدمه وحشمه، ثم الوظائف والعمالات البلدية.
المقدمة / 36