निदा हकीकत
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
शैलियों
139
من الميتافيزيقا لأرسطو، وهو الذي يقدم فيه المعلم الأول تصورين مختلفين عن الحقيقة: الحقيقة بوصفها كشفا،
140
وبوصفها تطابقا،
141
والمهم ألا يغيب عن بالنا أن كلام هيدجر في هذا الفصل بضمير المتكلم الجمع لا يعبر عن رأيه الشخصي، وإنما يؤكد تأثير هذا التصور العام الذي ينبغي تجاوزه. •••
بعد العرض الأولي لتصور الحقيقة بمعنى التطابق (أو التوافق والتكافؤ) يأتي دور الفصل الثاني لتوضيح هذا التطابق نفسه، وبيان دلالته العميقة من وراء معانيه المختلفة، ثم الإجابة على هذا السؤال البسيط الذي سيؤدي بنا إلى قلب المشكلة: كيف يصبح هذا التطابق ممكنا؟ والحق أن الإجابة على هذا السؤال الأساسي هي التي ستلقي الضوء الغامر على مشكلة الحقيقة بأكملها: الحقيقة هي الانكشاف أو اللاتحجب من صميم الاحتجاب لكائن تقوم ماهيته على مسلك الانفتاح لنورها.
هل نفهم من هذا أن هيدجر يرفض مفهوم الحقيقة بمعنى التطابق أو يتحفظ في قبوله؟ الواقع أنه لا يرفضه، وإنما لا يرجع به إلى «أساسه» الأول الذي يجعله ممكنا، وهذا شيء لمسناه وكررناه أكثر من مرة.
يرى هيدجر أن توافق الحكم أو تطابقه مع الشيء هو نوع من «التكافؤ»، ولا يعني هذا أن الحكم يريد أن يجعل من نفسه شيئا (فالعبارة أو القضية التي تحكم على القطعة النقدية بأنها مستديرة لا يمكن - كما قدمنا - أن تصبح هي نفسها قطعة نقدية!) بل معناه أنه يتخذ بالقياس إلى الشيء علاقة من نوع خاص، هي علاقة نعبر عنها بقولنا: على ما هو عليه أو من حيث هو كذلك، والتمثل أو الاستحضار هو جوهر هذه العلاقة، والتمثل هو «جعل الشيء يوضع أمامنا بوصفه موضوعا»، أو التعبير عنه بما هو كذلك وبحالته التي يظهر بها، والشرط الذي يعتمد عليه التمثل هو أن يوضع الكائن القائم بالتمثل في «النور» الذي يتيح للشيء أن يظهر له، هذا الشيء المتمثل يتحتم عليه أن «يقطع أو يتخلل مجالا مفتوحا في مواجهتنا»، فالكائن الذي يقوم بالتمثل يملك القدرة على «التخارج»، على وضع نفسه في مجال المواجهة، على «الاستحمام» في ضوء هذا المجال، وكل هذا يسميه هيدجر «بالانفتاح»، هذا الانفتاح «مسلك»؛ لأن الإنسان الذي يضع نفسه في مجال المواجهة لا بد أن يواجه شيئا سبق له الظهور من قبل، ولا بد له بصورة أو بأخرى من أن يقف معه موقفا أو يسلك منه مسلكا.
لا يخطرن ببالنا أن هذه نسخة جديدة من التصور التقليدي للحقيقة، فالفيلسوف ينتقل الآن من مفهومي التطابق والتكافؤ المعروفين إلى مفهوم آخر جديد لا غنى عنه لإمكان قيامهما، ألا وهو المفهوم الذي أطلق عليه اسم «الانفتاح»، بهذا يتجاوز التصور التقليدي الذي جعل الحكم مكان الحقيقة، كما يتغلب في نفس الوقت على الصعوبات التي واجهتنا في ختام الفصل الأول.
अज्ञात पृष्ठ