51

निदा हकीकत

نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر

शैलियों

ومن ثم يفاجئنا هيدجر بهذه العبارة التي تقلب الصورة المألوفة للزمن - في حركته من ماض إلى حاضر إلى مستقبل - رأسا على عقب: «إن الانقضاء

95 (الزمن المنقضي) ينبثق على نحو من الأنحاء من المستقبل»،

96

فكأنه يريد أن يقول إن الماضي ليست له الصدارة والأولية عند الموجود-الإنساني، وإنما المستقبل هو الذي يحيله إلى الماضي ويجعله يحافظ عليه، ومعنى هذا - بتعبير هيدجر! - أن قدرة الموجود-الإنساني على استباق ذاته إلى ما لم يوجد بعد وإن كان ينتمي إليه بالفعل - أي إلى موته - هذه القدرة على أن يكون في المستقبل هي التي تمكنه من الرجوع إلى زمنه المنقضي وصونه من الضياع، فكأن استشعار الموت والإحساس بالنهاية هو الذي يحيي الماضي ويعيدنا إلى ذكرياته، على نحو ما نرى في أعمال «مارسيل بروست» الروائية، التي يذوب فيها المستقبل والماضي والحاضر في وحدة واحدة تكون الشخصية الرئيسية في هذه الأعمال.

وعن طريق الاستباق إلى الموت أو النهاية (أي عن طريق التصميم المستبق) يجد الموجود-الإنساني نفسه في موقف، فيتعامل مع الموجود تعامله مع شيء يشغل به، ويتيح له أن يلتقي به وجها لوجه، وهذا الالتقاء بالموجود القائم في «العالم المحيط» والتعامل معه لا يتيسر إلا بإحضاره (أي جعله حاضرا)

97

وهذا بدوره لا يتم إلا عن طريق التصميم، والتصميم يحضر نفسه أو يجعلها حاضرة في الموقف بحكم كونه مستقبليا وقادرا على الرجوع إلى نفسه، وهذا بعينه هو جوهر الزمانية كما نجربها ونحياها في الموجود-الإنساني، بل كما يتيحها البعد الخاص بالموجود-الإنساني ويحملها، ومن ثم يستطيع هيدجر أن يقول إن الزمانية تتكشف بوصفها المعنى الحقيقي للهم،

98

وإذا كنا قد حددنا الهم - بلغة هيدجر العسيرة! - بأنه «الوجود-الفعلي المسبق-في» من حيث هو «وجود-بالقرب من»، فيمكننا الآن أن نرى أن الوجود الفعلي المسبق يتم في «تزمن» المستقبل، وأن الوجود-بالقرب-من-يتم من خلال الحاضر أو بالأحرى الإحضار،

99

अज्ञात पृष्ठ