من الْمُلُوك غَنِي بِاللَّه حر من الْأَحْرَار فَمَاذَا ضره وَهل كَانَ سَبِيل ذَلِك المَال الَّذِي أُوتِيَ إِلَّا هَكَذَا أَن يصرفهُ فِي نَوَائِب الْحق فَصَرفهُ فِي الكراع وَالسِّلَاح وَفِي ذَوي الْحَاجَات من الأباعد فَمَا باله يحرم عِيَاله فَلم يجئك فِي الْخَبَر أَنه أَدخل قوت سنة لنَفسِهِ إِنَّمَا ذَلِك لِعِيَالِهِ وَعِيَاله كَسَائِر النَّاس وَلَا يحمل عِيَاله مَا لَا يطيقُونَهُ وَإِنَّمَا يُطيق هَذَا الْأَنْبِيَاء والأولياء وَأهل الْيَقِين الَّذين بهم تقوم الأَرْض قد طهرت قُلُوبهم وتنزهت نُفُوسهم من تُهْمَة الله تَعَالَى أَلا ترى إِلَى قَول رَسُول الله ﷺ حَيْثُ قَالَ لَهُ ذَلِك الرجل أوصني بِوَصِيَّة قَصِيرَة قَالَ اذْهَبْ فَلَا تتهم الله فِي نَفسك
وَقد كَانَ رَسُول الله ﷺ يخزن مَا يَقع بِيَدِهِ من المَال لنوائب الْحق لَا لنَفسِهِ وَقد كَانَ يصرفهَا فِي السِّلَاح والكراع لحاجتهم فِي ذَلِك الْوَقْت إِلَى ذَلِك فَكَانَ يرفع مِقْدَار قوت نِسَائِهِ ليعلم مَا يبْقى هُنَالك فيصرفه فِي هَذِه الْوُجُوه
وَقد أَمر الله تَعَالَى بخزن الْأَمْوَال وحفطها فَقَالَ تَعَالَى وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل قيَاما فَإِذا أحرزه فَإِنَّمَا يحرزه لما يَنُوب من حُقُوق الله تَعَالَى حَتَّى يصرفهُ فِيهِ فَهُوَ مأجور فِيهِ وخازن من خزانه وَمن أحرزه ليتخذه عدَّة لنوائب نَفسه ودنياه وَهُوَ فِي نقص وإدبار وخذلان من الله تَعَالَى وَمَسْئُول غَدا عَن كل دِرْهَم من أَيْن وَلم وَفِي أَيْن فَمَا قسم لِعِيَالِهِ كَانَ مثل مَا قسم لغيره فَإِنَّهُ إِحْدَى نَوَائِب الْحق وَلِأَن نفوس أَزوَاجه كَانَت لَا تطمئِن إِلَّا على الْإِحْرَاز فَلم يكلفهن مَا لَيْسَ ذَلِك لَهُنَّ مقَام وَإِنَّمَا زجر بِلَالًا فِي حَدِيثه لِأَنَّهُ قَالَ خبأته لَك وَكَذَلِكَ أم أَيمن وَأم سَلمَة فَإِنَّهَا قَالَت خبأته لَك
1 / 107