قال الاستاذ المعاصر الدواليبي (1) في كتابه - اصول الفقه (2) -: " ولعل اجتهاد عمر رضي الله عنه في قطع العطاء الذي جعله القرآن الكريم للمؤلفة قلوبهم كان في مقدمة الاحكام التي قال بها عمر تبعا لتغير المصلحة بتغير الازمان رغم أن النص القرآني في ذلك الذي لا يزال ثابتا غير منسوخ ايثارا لرأيه الذي أدى إلى اجتهاده " فتأمل فيما قال، ثم أمعن فيما يلي من كلامه. قال: " والخبر في هذا ان الله سبحانه وتعالى فرض في أول الاسلام، وعندما كان المسلمون ضعافا، عطاءا يعطي لبعض من يخشى شرهم ويرجى خيرهم تألفا لقلوبهم، وذلك في جملة من عددهم القرآن لينفق عليهم من أموال بيت المال الخاص بالصدقات. فقال: (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل). قال: وهكذا قد جعل القرآن الكريم المؤلفة قلوبهم في جملة مصارف الصدقات، وجعل لهم بعض المخصصات على نحو ما تفعله الدول اليوم في تخصيص بعض النفقات من ميزانياتها للدعاية السياسية (3) قال: " غير ان الاسلام لما اشتد ساعده، وتوطد سلطانه رأى عمر رضي الله عنه حرمان المؤلفة قلوبهم من هذا العطاء المفروض لهم بنصوص القرآن ". قلت: أعاد الاستاذ تصريحه بأن عمر رضي الله عنه قطع العطاء الذي
---
(1) هو العلامة الشيخ محمد معروف استاذ علم اصول الفقه والحقوق الرومانية في كلية الحقوق بالجامعة السورية (منه قدس). (2) حيث ذكر الامثلة على تغير الاحكام بتغير الازمنة ص 239 (منه قدس). (3) لعلهم اقتبسوا ذلك من آية المؤلفة قلوبهم، فترى بريطانيا واميركا وأمثالهما يطعمون ويكسون الفقراء والمساكين من رعايا الدول الضعيفة وينعشونهم بمشاريع اصلاحية من غير حاجة لهم إلى تلك الدول ورعاياها سوى الاخذ بالحكمة التى هي هدف القرآن في اعطاء المؤلفة قلوبهم (منه قدس).
--- [46]
पृष्ठ 45