ذلك لاربع ليال بقين من صفر سنة احدى عشر للهجرة، فلما كان من الغد دعا اسامة فقال له: " سر إلى موضع قتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فأغز صباحا على أهل أبنى (1) وحرق عليهم، وأسرع السير لتسبق الاخبار، فأن أظفرك الله عليهم، فأقل اللبث فيهم، وخذ معك الادلاء، وقدم العيون والطلائع معك " (47). فلما كان يوم الثامن والعشرين من صفر بدأ به صلى الله عليه وآله مرض الموت، فحم - بأبي وأمي - وصدع، فلما أصبح يوم التاسع والعشرين ووجدهم مثاقلين، خرج إليهم فحضهم على السير، وعقد صلى الله عليه وآله اللواء لاسامة بيده الشريفة تحريكا لحميتهم، وارهافا لعزيمتهم، ثم قال: " اغز باسم الله وفي سبيل الله، وقاتل من كفر بالله " (48) فخرج بلوائه معقودا، فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرف، ثم تثاقلوا هناك فلم يبرحوا مع ما وعوه ورأوه من النصوص الصريحة في وجوب اسراعهم كقوله صلى الله عليه وآله: اغز صباحا على أهل ابني، وقوله: واسرع السير لتسبق الاخبار إلى كثير من أمثال هذه الاوامر التي لم
---
(1) ابني، بضم الهمزة وسكون الباء ثم نون مفتوحة بعدها ألف مقصورة، ناحية بالبلقاء من أرض سوريا، بين عسقلان والرملة، وهى قرب مؤتة التى استشهد عندها جعفر بن أبى طالب ذو الجناحين في الجنة عليه السلام، وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة رضى الله عنهما (منه قدس). (47) الرسول صلى الله عليه وآله يحث على مسير جيش اسامة: راجع: المغازى للواقدي ج 3 / 1117، السيرة الحلبية ج 3 / 207 ط البهية وج 3 / 234 ط مصطفى محمد، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2 / 339، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 190. (48) السيرة الحلبية ج 3 / 234.
--- [33]
पृष्ठ 32