وأما طريق المعنى والنظر فإن الولي أو القاتل إذا وقع العفو منهما بالدية فإنه واجب على القاتل قبوله دون اعتبار رضا القاتل لأنه عرض عليه بقاء نفسه من مثله كما لو عرض عليه بقاء نفسه في المخمصة بقية الطعام للزمة.
وأما الذي كانت العرب تفعله من الربا في القصاص والاعتداء فليس من النسخ في شيء لأنه لم يكن حكما أحكم ولا شرعا ولا دينا مهد وإنما كان باطلا يفعل وحقا يجهل فقذف الله بالحق على الباطل فدمغه وأعلم الصحيح في ذلك وبلغه، والله أعلم.
الآية الثالثة عشر قوله تعالى: ﴿يا أيها الذي آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. أياما معدودات﴾
قال أهل التفسير فيها خمسة أقوال:
الأول أنها ناسخة لصوم عاشوراء، وقد كان يصام في الجاهلية ويصومه اليهود.
الثاني قال عطاء: كان فرض في صدر الإسلام صوم ثلاثة أيام من كل شهر.
الثالث قال أبو العالية وغيره: كان (فرض في صدر الإسلام صوم ثلاثة) الله قد فرض على من كان قبلنا إذا نام بعد المغرب لم يأكل ولم يشرب ولم يقرب النساء ثم كتب ذلك علينا ذلك قوله تعالى: ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾ ثم نسخ بقوله تعالى: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾.
الرابع: أن الله تعالى كتب علينا الصيام شهرًا قاله مجاهد وقتادة كما كتب على من كان قبلنا.
2 / 55