هو ترك حفظ الحدود والوقوف عند أمر المعبود. وإن كانت عمارتها من حفظ حرمتها، إلَّا أنه لما عارضها ما يأتي صار تأخيرها غير مخل بتعظيم المسلمين حرمتها، لأن ما ترك لعذر كالمفعول.
[شروع المصنف في التأليف]:
وحين إذ علمت ذلك، رجعت ورأيت أن الخطاب بإشادة البيت الحرام وتعميره وتشييده وإحكامه [...] (١) إنما هو لخليفة الله في أرضه، المنصوب لنشر راية أحكام الله في طول البلد وعرضه، خادم الحرمين الشريفين، مولانا السلطان مراد خان (٢)، زاده الله من المكانة، ووفقه لإِقامة الحق وأعانه ونصره، ثم يتوجه الخطاب بعده لمن وجهه فيه، ورفع ذكره بهذا الشرف النبيه.
وكتبت على السؤال المكتوب ثانيًا لترك السؤال الأول، وما كتب عليه ما لفظه: وإمام المخاطبين بهذا الفرض المقدم، مولانا سلطان الإِسلام والمسلمين المكرم (٣). فرأيت بعضًا توقف في ذلك، وبعضًا أبى من سلوك هذه المسالك،
_________
(١) ما بين القوسين غير واضح بالأصل.
(٢) هو السلطان مراد خان الرابع ابن السلطان أحمد ابن السلطان محمَّد ابن السلطان مراد الثالث ابن السلطان سليم العثماني، مولده سنة ١٠١٨، وقيل ١٠٢١ هـ، وتولى الخلافة وبويع له اتفاقًا سنة ١٠٣٢ وعمره ١١ سنة وسبعة أشهر، وقيل ١٤ سنة، وهو الخليفة السابع عشر من السلاطين العثمانيين، ويعرف لدى المؤرخين بفاتح بغداد. من مناقبه: أمره بمنع القهاوي في جميع ممالكه، ومنعه شرب الدخان والنشوق، وكان يجازي على ذلك، كان بطلًا شجعًا قوي الجأش، مات سنة ١٠٤٩ هـ، عن ٢٨ عامًا، ومدة حكمه ١٧ سنة. خلاصة الأثر: ٤/ ٣٣٦ - ٣٤١، التاريخ القويم: ٣/ ٢٣٨.
(٣) نقل السنجاري في "المنائح" عن "إنباء المؤيد الجليل" بعد أن ذكر رجوع المصنف عن رأيه: أن الشريف مسعود أمر بتغيير صورة السؤال، وكتب عليه العلماء مرة أخرى، وذلك بعد تصنيف ابن علان لهذا الكتاب، قال: وكتب الجماعة كما كتبوا أولًا، وكتبت عليه: والمخاطب بهذا الفرض -أي عمارة الكعبة الغراء- سلطان الإِسلام المكرم مولانا السلطان مراد خان، ثم نائبه مولانا الشريف، والله الموفق. منائح: ٤/ ٧٤. ولم يورد ذكر الشريف هنا لأن هذه الرسالة صنفت قبل الاستفتاء الثاني كما يظهر.
1 / 42