नक़ल से सृजन तक (खंड दो परिवर्तन)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
शैलियों
32
والرسالة الأولى عن العدد عند الفيثاغوريين ليست مجرد نقل وعرض بل قراءة إخوانية للفيثاغوريين. يدرس الإخوان العدد على رأي الفيثاغوريين أولا وليس نقلا لهم للتحقق من صدقه وإكماله قبل ذكر آرائهم في العدد، تحولا من التنقل إلى الإبداع. وهم الحكماء الفيثاغوريون. ليسوا رياضيين فحسب أي أنهم فلاسفة قبل أن يكونوا علماء، وبالتالي يمكن قراءتهم وتأويلهم، وأحيانا يكون التعبير على معنى قول الحكماء الفيثاغوريين أو في معنى قول الفيثاغوريين مما يدل على أنها قراءة للمعاني وليس شرحا للألفاظ. ويذكر الفيثاغوريين باعتبارهم طائفة لها رأي، تفعل وتعطي وصفا لأفعال الشعور.
33
ويذكر فيثاغورس انتقالا من معرفة خواص العدد إلى ما يطابقها من معاني الموجودات نقلا من الرياضة إلى صفاء النفس وإلى الأنغام في الطبيعة وإلى توحيد الله اعتمادا على وصيي فيثاغورس، الوصية الذهبية المنتحلة التي تساعد على التحول من الوافد إلى الموروث ومن النقل إلى الإبداع في صورة أقوال مباشرة أو في صورة حوار مع ديوجانس حكيم اليونان؛ فالنفس تفارق البدن وتكون خالدة، وتظل في الهواء غير قابلة للموت، وهي النفس المطمئنة، والنفس في البدن كالشمس في الكون تشرق عليه. فالشمس ملك الجواهر، وأعدل الطبائع، لا تفسد الأرض، ولا تحرق الأشياء. وقد يذكر النص أكثر من مرة، ويكون فلا صيغة وصية كنوع أدبي من أدبيات الصوفية. وعلى هذا النحو يتحول فيثاغورس إلى حكيم إشراقي وكأن الموروث لا ينتقى من الوافد إلا على ما يساعد على التحول من الآخر إلى الأنا. كما يستطيع الحكيم بصفاء نفسه سماع نغمات حركات الأفلاك والكواكب ويستخرج بفطرته أصول الموسيقى، وهو أول من تكلم في هذا العلم واخترع العدد وألف الألحان. وفيثاغورس حكيم موحد بالله من أهل حران أسوة بالمترجمين النصارى. ينظر في علم العدد من أجل التعبير عن الأمور الشريفة؛ فالبنية هي التي تحكم التاريخ، واليونان أصلهم من المشرق.
34
وقد ذكر كتاب إقليدس (أوقليدس) حتى دون تسميته (العناصر، الأركان، الأصول، الأسطقسات) باعتباره العمدة في علم الهندسة (الجومطريا). فما يهم هو العلم وليس العالم بالرغم من أنه هو مؤسس العلم، ويشار إليه باعتباره تاريخا للعلم وجزءا من أدبياته الماضية. فالتاريخ سابق على البنية. وتتم الإحالة إلى الكتاب مقالة مقالة. الإخوان هم الدارسون وإقليدس تأكيد لما توصلوا إليه في علم الهندسة. الموضوع هو الأساس وأدبياته هو الفرع. قد تستقي منه الأمثلة والأشكال فحسب، وبحث الموضوع نفسه يؤدي إلى فهم إقليدس ولماذا انتهى إلى ما انتهى إليه. يضم الإخوان القديم إلى الجديد احتراما للقدماء، وتواصلا مع العلماء، واعترافا بقدرهم، توفيقا للآخر على الأنا وليس تبعية الأنا للآخر، يجمعون نصوص إقليدس ويتمثلونها ثم يعيدون بناءها وصبها في الموروث. وعلم الهندسة أساس علم المناظر، وبالتالي يكون كتاب إقليدس أساسا لفهم كتاب المجسطي، ويبين الإخوان غرض كتاب إقليدس ويضعونه في التراث الرياضي اليوناني مع من قبله ومن بعده. وقد يذكر قول إقليدس لإثبات رأي الإخوان أو موضوعا تكلم فيه إقليدس يبحثه الإخوان. ثم يتحول إقليدس من مستوى الهندسة إلى مستوى الإلهيات، ومن إقليدس التاريخي إلى إقليدس الحضاري، ومن إقليدس اليونان إلى إقليدس المسلمين، ومن إقليدس الآخر إلى إقليدس الأنا، ومن إقليدس الوافد إلى إقليدس الموروث، للبرهنة على الأمور الإلهية بالعقل، وهي أمور لا تدركها الحواس ولا تتصورها الأوهام.
35
ويذكر أفلاطون في نظرية العلم لديه، العلم تذكر والجهل نسيان. ويصحح الإخوان فهم النظرية بأن النفس علامة بالقوة وتحتاج إلى التعليم حتى تصبح علامة بالفعل. كما يصححون فهم الناس لأسطورة الكهف، أنها ترمز إلى الأخلاق الروحانية وليست المادية كما يقول المنجمون، فيتحول أفلاطون إلى حكيم روحاني وليس عالم فلك. يقول أفلاطون بخلود النفس وصلاحها بعد مفارقة الجسد وتبرير ذلك بأنه لو لم يكن هناك معاد لكان للشر الكلمة الأخيرة في الدنيا. ويتم تركيب الوافد على الموروث. الأشرار في العالم بجناية آدم بالرغم من عدم توارث الشر في العقائد. ويتوحد الوافد، الدعاء الأفلاطوني والمناجاة الأرسطاطاليسية المنتحلان داخل الموروث، والتوسل الأدرسي المنتحل أيضا. ويسهل تعشيق المنتحلين فكلاهما عمل الروح وإبداع الحضارة. وتتفرع أسطورة موروثة من أسطورة الكهف الذي نزل فيه راع للغنم أجير عند متسلط إثر زلزال ووجد فرسا من نحاس في يدي كوة مشققة بداخله إنسان ميت في يده خاتم ذهب أخذه الأجير. وفي اجتماع مع الملك ورعاته أدار الراعي الخاتم في إصبعه بحيث صار فصه إلى الداخل فاختفى، فرده إلى الخارج فعاد. وقتله الملك. ويعترض الإخوان على هذه القصة من أفلاطون وهو صاحب علو القدر في السياسة إلا إذا كان المقصود الحكمة والقدرة على الفعل التي يرمز إليها الخاتم. لذلك لا يجوز للعاصي الإيمان بعلم الطلسمات كما رواه أفلاطون. ويبدو أفلاطون جغرافيا يصف أحوال البلاد بما فيها من جبال. بل يصل حتى الهند حيث يطول أعمار أهلها. فهم قليلو الأمراض، صحيحو الأجسام نظرا لاعتدال جوها عند خط الاستواء. وهي جغرافيا إبداعية رمزية. فخط الاستواء حار وليس معتدلا ، والهند بلد الإشراق وليست منطقة جغرافية. وأفلاطون يرد إلى منابعه في الشرق.
36
ويأتي أرسطو في المرتبة الرابعة، أرسطو المنطقي، الطبيعي، الإلهي الإشراقي. ليس له آية أولوية على باقي حكماء اليونان مثل الفيثاغوريين والمجسطي؛ أي الرياضة والفلك. يقدر الإخوان أعماله المنطقية كمقدمات للبرهان، المقولات والعبارة والتحليلات الأولى بألفاظها المعربة ثم البرهان إلى القياس الصحيح، ليس فقط في الأمور النظرية، بل أيضا في الأمور العملية، ثم غياب البرهان في الجدل الذي مارسه الناس ضد منطق أرسطو وتلاميذه وكأن التاريخ يسير بطبيعته من الأفضل على الأقل فضلا بفعل الحسد وكما هو الحال في تصور التاريخ عند الأشاعرة. ومن ثم يتحول المنطق من مجرد قواعد صورية إلى موازين للحق العملي وإلى مسار في التاريخ. يتوقف أهواء البشر. والمنطق وصية من الأستاذ إلى التلاميذ يحميهم من الوقوع في الخطأ. وهناك أيضا أرسطو الطبيعي في حديثه عن العناصر الأربعة التي يتكون منها الكون، وجعل جسد الشمس رأس كل جسد ومنازل القمر. أما أرسطو الميتافيزيقي فهو الذي يبدأ بالنفس وصفاتها وتخليها عن شوائب الحس وتخليصها من البدن اعتمادا على أثولوجيا من أجل «أسلمة» أرسطو وتمثل الوافد داخل الموروث. وهو الحكيم الفاضل الذي قال إن النفس عالمة بالقوة. فإذا فكرت في ذاتها أصبحت عالمة بالفعل عند حكيم اليونانيين. كما إن الإنسان يصم ويعمى عن عيوب نفسه لأنها أحب الأشياء إليه. وعند صاحب المنطق إن الفيلسوف يجازي بفلسفته بعد مفارقة النفس البدن كما صرح بذلك عندما حضرته الميتة أشبه بليلة سقراط الأخيرة وطبقا لكتاب التفاحة المنحول، والتقرب إلى الله، وأهم من ذلك كله أرسطو العاقل الموحد بالله الذي يعرف الأوامر والنواهي بطريق العقل أو بطريق السمع حيث تكمل النفس بفضائل الملائكة وتتشبه بالإله بحسب الطاقة الإنسانية. بل إن النبي ذكر أرسطو في الحديث بأنه لو كان حيا لاتبعه حين ذكر في مجلسه مع أن أرسطو لم يعرف إلا منذ عصر الترجمة بعد ذلك بقرنين من الزمان، ولكنها الحضارة التي تبني النموذج وليست التي تؤرخ له .
अज्ञात पृष्ठ