नेपोलियन बोनापार्ट इन मिस्र
نابوليون بونابارت في مصر
शैलियों
ولما كان الفتح العثماني لم يقض على سلطة المماليك، بل زادها بعد ذلك عتوا وتجبرا، كان الأولى - على رأيي - أن يقسم تاريخ المماليك في الديار المصرية إلى قسمين على النمط الآتي:
الأول:
من سنة 1250؛ أي: بعد انقراض الدولة الأيوبية إلى سنة 1517 وهو تاريخ الفتح العثماني.
الثاني:
من 1517 إلى 1811؛ أي: إلى أن قضى «محمد علي» على البقية الباقية منهم في مذبحة المماليك المشهورة بالقلعة.
ولا عبرة بقولهم إن القسم الأول من المماليك البحرية كان من جنس غير جنس المماليك الشراكسة «الذين يبتدئون على حسب آراء المؤرخين الحديثين، من تولية السلطان الظاهر برقوق الجركسي»؛ لأن المماليك في أول أمرهم وفي أواخر الدولة العباسية، إلى مذبحة القلعة، لم يكونوا من جنس خاص، ولا من أمة معلومة، بل كانوا دائما خليطا ممن يباع ويشترى من الفتيان الحسان الأقوياء، سواء أكانوا من شواطئ بحر قزوين، وأواسط آسيا، من تتر ومغول وشركس، أم كانوا من بحر إيجة من الأروام، وجزر البحر الأبيض المتوسط، وهذا السلطان الظاهر «حوشقدم»، من مماليك الطبقة الأولى، يلقب بالرومي؛ لأنه يوناني الأصل، ويلقب بالناصري، ومع إسلامه، كان له ولع بالعلوم والآداب اليونانية القديمة، وربما كان فيهم من أجناس مختلفة من الشعوب القائمة حول الأدرياتيك، أو من جزائر إيطاليا والبحر الأبيض على الإجمال.
ولولا أن المماليك كانوا في القسم الثاني، أتباعا للدولة العثمانية، ولو بالاسم، وأنهم لم يلقبوا أنفسهم بألقاب «الملك» و«السلطان» - اللهم إلا أن يكون واحد منهم وهو علي بك الكبير سنة «1763-1774»م - لما كان ثمت داع إلى تقسيم مدتهم إلى دورين، ولاكتفينا واكتفى المؤرخون بالقول بأن المماليك حكموا مصر من عام 1350 إلى حوالي 1811، مع استثناء مدة الاحتلال الفرنسي، وأول ظهور سلطة محمد علي.
القسم الأول
كان مماليك القسم الأول من عام 1250 إلى الفتح العثماني أرقى أخلاقا وأفضل سياسة، وكان يظهر فيهم من وقت لآخر فحول سياسة ورجال عدل ونظام ورفق بالرعية، وكان مما يصلح شأنهم، أن الوراثة كانت توجد بينهم من وقت لآخر مما ثبت دعامة الملك، ولم يدعها مطمعا لكل سفاك للدماء طامح للسلطة والإمارة.
امتاز مماليك هذه الطبقة بما تركوه في القاهرة وضواحيها من الآثار النفسية، والمساجد البديعة النادرة المثال، وما أبقوه من العمائر التي تدل على ذوق راق ورفاهية تضرب بها الأمثال.
अज्ञात पृष्ठ