नेपोलियन बोनापार्ट इन मिस्र
نابوليون بونابارت في مصر
शैलियों
8
فهل يا ترى كانت رغبة الحصول على ثروة إبراهيم بك، هي التي دعت نابوليون لكتابة ذلك الخطاب الأخير؟؟
بعد خروج إبراهيم بك ومن معه، من أرض مصر وتوجههم إلى غزة، لم يبق أمام نابوليون في تلك المنطقة إلا أن يعمل على تحصينها فأصدر أمره للجنرال «كافريللي» بإنشاء القلاع والطوابي والقشلاقات اللازمة في الصالحية وحواليها، وعين الجنرال رينيه قومندانا لحامية الصالحية ومديرا لمديرية الشرقية، وفي الوقت نفسه عين الجنرال دوجا لمديرية الدقهلية وكان اسمها مديرة المنصورة، وبعد أن أصدر لهم الأوامر كالتي أصدرها للمديرين السابق تعيينهم، برح الصالحية قاصدا القاهرة ولم يكد يبتعد عن تلك النقطة بنحو فرسخين، حتى التقى برسول «كليبر» قادما من الإسكندرية يحمل إليه أشأم الأنباء، وهو تدمير الأسطول الفرنساوي في أبي قير!!
المحاربات الفرعية في صعيد مصر والجهات الأخرى
أما وقد خصصنا هذا المبحث بالحروب التي قام بها الجيش الفرنساوي في أنحاء القطر المصري لنشر نفوذه في كافة الجهات، فعلينا أن نترك نابوليون عائدا للقاهرة بذلك السهم المسموم في أحشائه «نبأ تدمير السفن الفرنسية» وننتقل إلى الجهات التي وقعت فيها المعارك، حتى إذا فرغنا منها، لم يبق أمامنا إلا شرح الحوادث السياسية التي كانت نتيجة لازمة لمعركة أبي قير، وإعلان الدولة العثمانية الحرب على فرنسا، واتفاقها مع إنكلترا وروسيا أيضا.
وليس لدينا في المصادر العربية، لا في كتاب الجبرتي، ولا في كتب المؤرخين الحديثين، كلمة عن تلك الحروب، كما أنها ليست موجودة في المصادر الإنكليزية مطلقا، فاعتمادنا فيها يكون على ما كتبه الفرنساويون أنفسهم وتبعة الصدق والكذب في الرواية تقع عدلا عليهم.
ولنبدأ الآن أولا بأهم هذه الحروب، وليس بالطبع بعد إبراهيم بك إلا مراد بك، فنقول: إن مراد بك بعد واقعة إمبابة وفراره من الجيزة، اجتمع عليه بقية من بقي من المماليك في الفيوم وانضم إليه كذلك خصومه الذين كانوا في الصعيد، وكذلك التف حوله عدد عديد من العربان، وبهذا الجيش المكون من المماليك والعربان، اتخذ مراد بك مقره عند ناحية البهنسا في مديرية الفيوم، وكانت معه بقية من بعض السفن الحربية التي سلمت من الحريق في واقعة إمبابة، وهذه سارت في النيل إلى بلدة المنيا واستقرت أمامها، وألقت القوارب والمراكب الصغيرة التي تحمل المئونة والأدوات وبعض مستلزمات المماليك مراسيها في بحر يوسف بالقرب من «أبو جرج».
في 23 أغسطس أصدر نابوليون أمه للجنرال ديزيه بالسير لمقاتلة مراد بك بقوة مؤلفة من أربعة آلاف جندي، فشرع الجنرال «ديزيه» في مغادرة الجيزة حيث أقام منذ واقعة الأهرام، فأمر قوة من جيشه أن تنزل إلى النيل لتركب في السفن التي هيئت لنقلها، ورغما عن الفيضان الذي كان يغمر البلاد، نزلت فرقة من الجيش وسارت بها السفن مخترقة النيل حتى وصلت بني سويف في 26 أغسطس وتقدمت حتى وصلت بعد عناء شديد إلى بحر يوسف، وبعد أن قطعت ثماني ترع أخرى، وبحيرة كان الماء فيها قليلا وصلت السفن إلى البهنسا، فبغت مراد بك وأسقط في يده؛ لأن لم يكن ينتظر أن يصل الفرنسيون إلى هذه المدينة، وأمر رجاله أن يمروا على الضفة الأخرى من البحر اليوسفي ويذهبوا إلى الفيوم الواقعة غرب بني سويف، ولم يستطع الفرنسيون إدراكهم إلا بعد أن اجتاز آخر جمل لهم البحر.
ولما علم الجنرال ديزيه من الأهالي أنه توجد اثنتا عشرة سفينة محملة بالمئونة والذخيرة على مقربة منه أمر رجاله فاستولوا عليها رغم النار الحامية التي كان يصبها المماليك عليهم.
وكان في هذه المراكب بعض المماليك فلما رأوا أنهم واقعون في أيدي الفرنسيين ألقوا بأنفسهم إلى الماء، وتمكن الكابتن راب ياور الجنرال ديزيه أن يجرد اثنين منهم من السلاح بعد مقاومة شديدة؛ لأنهما رفضا التسليم ووجد في مركب من هذه المراكب الاثني عشرة ستة مدافع وذخائرها.
अज्ञात पृष्ठ