بها (1).
الثاني: أن يقال: إن القوم لما أنكروا النص وأظهروا أن الإمام يثبت بطريق الاختيار، أراد العباس (رضي الله عنه) أن يكيدهم من حيث ذهبوا إليه، ويبطل أمرهم بنفس ما جعلوه طريقا لهم إلى جحد النص، فقال: ابسط يدك أبايعك، فإن سلموا الحق إلى أهله لم تضرك البيعة، وإن ادعوا الشورى والاختيار وأنكروا حقك كان لك من البيعة والعقد والاختيار ما لم يكن لهم فلم يمكنهم الاستبداد بالأمر دونك.
فكره (عليه السلام) أن يجعل الباطل طريقا إلى حقه (2) مع ظهور النص بينهم عليه في ذلك الوقت .
فإن قلت: إن لم تكن البيعة طريقا صحيحا فلم اعتمدها بعد قتل عثمان واحتج بها على معاوية؟!
قلت: إنه لما كان يطمع منهم أن يرجعوا إلى النص في حال وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وقرب عهدهم به، لأجله لم يجعل البيعة طريقا إلى حقه، خصوصا مع ما انضاف إلى ذلك من إشارة الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى عدم استتمام هذا الأمر له بعده فلما طال العهد وتقادم إنكار النص وصار كأن لم يوجد، ثم رأى إقبال الخلق بأسرهم عليه، لم يمكنه إلا القيام بالحق ونصرة الدين، كما قال (عليه السلام): " والله لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها " (3).
وأما أن العباس لما وثق بطاعة الناس في هذا الأمر له، فدل ذلك على أنهم
पृष्ठ 88