. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
عبد الله عن أنس بن مالك، وفيه: (وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله، فقال موسى: رب لم أظن أن ترفع علي أحدا، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين، أو أدنى فأوحى الله فيما أوحى إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة ...) وقد طعن الإمام الخطابي ﵀ في موضع الشاهد، قال ابن حجر في الفتح (١٣/ ٤٨٣): (قال الخطابي مشيرا إلى رفع الحديث من أصله بأن القصة بطولها إنما هي حكاية يحكيها أنس من تلقاء نفسه، لم يعزها إلى النبي ﷺ، ولا نقلها عنه، ولا أضافها إلى قوله، فحاصل الأمر في النقل إنها من جهة الراوي، إما من أنس، وإما من شريك فإنه كثير التفرد بمناكير الألفاظ التي لا يتابعه عليها سائر الرواة. انتهى وما نفاه من أن أنسا لم يسند هذه القصة إلى النبي ﷺ لا تأثير له فأدنى أمره فيها أن يكون مرسل صحابي، فإما أن يكون تلقاها عن النبي ﷺ أو عن صحابي تلقاها عنه، ومثل ما اشتملت عليه لا يقال بالرأي فيكون لها حكم الرفع، ولو كان لما ذكره تأثير لم يحمل حديث أحد روى مثل ذلك على الرفع أصلا، وهو خلاف عمل المحدثين قاطبة، فالتعليل بذلك مردود). ثم قال ابن حجر: (وقد أخرج الأموي في مغازيه ومن طريقه البيهقي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن بن عباس في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ (النجم:١٣)، قال دنا منه ربه وهذا سند حسن وهو شاهد قوي لرواية شريك ...).
وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٣٠): (أما قول ابن عباس: أنه رآه بفؤاده مرتين فإن كان استناده إلى قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ (لنجم:١١)، ثم قال: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾، والظاهر أنه مستنده فقد صح عنه ﷺ أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين في صورته التي خلق عليها، وقول ابن عباس هذا هو مستند الإمام أحمد في قوله: رآه بفؤاده والله أعلم. وأما قوله تعالى في سورة النجم: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ (لنجم:٨)، فهو غير الدنو والتدلي في قصة الإسراء، فإن الذي في (سورة النجم) هو دنو جبريل وتدليه كما قالت عائشة، وابن مسعود، والسياق يدل عليه فإنه قال: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ (لنجم:٥)، وهو جبريل ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ (النجم/ ٦: ٨)، فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى وهو ذو المرة أي: القوة، وهو الذي استوى بالأفق الأعلى، وهو الذي دنى فتدلى، فكان من محمد ﷺ قدر قوسين أو أدنى. فأما الدنو، والتدلي الذي في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك، وتدليه، ولا تعرض في (سورة النجم) لذلك بل فيها أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، وهذا هو جبريل رآه محمد ﷺ على صورته مرتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، والله أعلم). وهذا مما يؤيد عدم وهم شريك في موضع الشاهد.
1 / 73