ذهبت الإمامية ومن وافقهم من المعتزلة إلى أن الله تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب بل جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب ليس فيها ظلم ولا جور ولا عدوان ولا كذب ولا فاحشة لأن الله تعالى غني عن القبيح وعالم بقبح القبيح لأنه عالم بكل المعلومات وعالم بغناه عنه وكل من كان كذلك فإنه يستحيل عليه صدور القبيح عنه والضرورة قاضية بذلك ومن فعل القبيح مع الأوصاف الثلاثة استحق الذم واللوم وأيضا الله تعالى قادر والقادر إنما يفعل بواسطة الداعي والداعي إما داعي الحاجة أو داعي الجهل أو داعي الحكمة فأما داعي الحاجة فقد يكون العالم بقبح القبيح محتاجا إليه فيصدر عنه دفعا لحاجته وأما داعي الجهل فبأن يكون القادر عليه جاهلا بقبحه فيصح صدوره عنه وأما داعي الحكمة بأن يكون الفعل حسنا فيفعله لدعوة الداعي إليه والتقدير أن الفعل قبيح فانتفت هذه الدعاوي فيستحيل القبح منه تعالى. وذهبت الأشاعرة كافة إلى أن الله تعالى قد فعل القبائح بأسرها من أنواع الظلم والشرك والجور والعدوان ورضي بها وأحبها فلزمهم من ذلك محالات منها امتناع الجزم بصدق الأنبياء لأن مسيلمة الكذاب لا فعل له بل القبيح الذي صدر عنه من الله تعالى عندهم فجاز أن يكون جميع الأنبياء كذلك وإنما يعلم صدقهم لو علمنا أنه تعالى لا يصدر عنه القبيح فلا يعلم حينئذ نبوة نبينا ص ولا نبوة موسى وعيسى وغرهما من الأنبياء. فأي عاقل يرضى لنفسه أن يقلد من لا يجزم بنبي من الأنبياء البتة وأنه لا فرق عنده بين نبوة محمد ص ونبوة مسيلمة الكذاب فليحذر العاقل من اتباع أهل الأهواء والانقياد إلى طاعتهم ليبلغهم مرادهم ويربح هو الخسران بالخلود في النيران ولا ينفعه عذره غدا في يوم الحساب.
पृष्ठ 41