البحث الثاني في أن النظر واجب بالعقل والحق أن مدرك وجوب النظر عقلي لا سمعي وإن كان السمع قد دل عليه أيضا بقوله قل انظروا وقالت الأشاعرة قولا يلزم منه انقطاع حجج الأنبياء وظهور المعاندين عليهم وهم معذورون في تكذيبهم مع أن الله تعالى قال لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فقالوا إنه واجب بالسمع لا بالعقل وليس يجب بالعقل شي ء البتة. فيلزمهم إفحام الأنبياء واندحاض حجتهم لأن النبي إذا جاء إلى المكلف وأمره بتصديقه واتباعه لم يجب عليه ذلك إلا مع العلم نهج الحق ص : 51بصدقه لا بمجرد الدعوى يثبت صدقه بل ولبمجرد المعجزة على يده ما لم ينضم إليه مقدمات منها أن هذا المعجز من عند الله تعالى ومنها أنه تعالى فعله لغرض التصديق ومنها أن كل من صدقه الله تعالى فهو صادق ولكن العلم بصدقه حيث توقف على هذه المقدمات النظرية لم يكن ضروريا بل كان نظريا فللمكلف أن يقول لا أعرف صدقك إلا بالنظر والنظر لا أفعله إلا إذا وجب علي وعرفت وجوبه ولم أعرف وجوبه إلا بقولك وقولك ليس حجة علي قبل العلم بصدقك فتنقطع حجة النبي ص ولا يبقى له جواب يخلص به فينتفي فائدة بعثة الرسل حيث لا يحصل الانقياد إلى أقوالهم ويكون المخالف لهم معذورا وهذا هو عين الإلحاد والكفر نعوذ بالله منه. فلينظر العاقل المنصف من نفسه هل يجوز له اتباع من يؤدي مذهبه إلى الكفر وإنما قلنا بوجوب النظر لأنه دافع الخوف ودفع الخوف واجب بالضرورة
पृष्ठ 17