أصلح الله الملك أما العصفور فليس به خلل وإنما الخلل في وضع السنبلة. قال الملك: وما الخلل؟ وقد امتزج غضبًا على الشيخ، فقال الخلل في استقامة السنبلة لأن في العرف أن العصفور إذا حط على سنبلة أمالها لثقل العصفور وضعف ساق السنبلة ولو كانت السنبلة معوجا مائلة لكان ذلك نهاية في الوضع والحكمة فوافق الملك على ذلك وسلم.
حكى: عن الشريف المرتضى ﵁: أنه كان جالسًا في علية له تشرف على الطريق فمرّ به ابن المطرز الشاعر يجرّ نعلًا له بالية وهي تثير الغبار فأمر بإحضاره، وقال له أنشد أبياتك التي تقول فيها:
إذا لم تبلغني إليكم ركائبي ... فلا وردت ماء ولا رعت العشبا
فأنشده إياها فلما انتهى إلى هذا البيت أشار الشريف إلى نعله البالية وقال:
أهذه كانت من ركائبك؟ فأطرق ابن المطرز ساعة، ثم قالك لما عادت هبات سيدنا الشريف إلى مثل قوله:
وخذ النوم من جفوني ... قد خلعت الكرى على العشاق
عادت ركائبي إلى مثل ما ترى لأنك خلعت ما لا تملكه على من لا يقبل فخجل الشريف
منه وأمر له بجائزة فأعطوه.
حكاية: قيل إن الحجاج خرج يومًا متنزهًا، فلما فرغ من نزهته صرف عنه أصحابه وانفرد بنفسه فإذا هو بشيخ من عجل، فقال له من أين أيها الشيخ؟ قال من هذه القرية، قال كيف ترون عمالكم؟ قال شرّ عمال يظلمون الناس ويستحلون أموالهم. قال فكيف قولك في الحجاج؟ قال ذلك ما ولي العراق أشر من قبحه الله تعالى وقبح من استعمله. قال أتعرف من أنا؟ قال لا، قال أنا الحجاج فقال أتعرف من أنا؟ قال: لا. قال أنا مجنون بني عجل أصرع كل يوم مرتين. قال فضحك الحجاج وأمر له بصلة جليلة.
حكاية: قال بعض الأدباء كنت بمجلس لبعض أمراء بغداد وبين يديه طبق لوزينج إذ دخل عليه مجنون كان حلو الكلام فقال: أيها الأمير ما هذا؟ فرمى إليه بواحدة، فقال ثاني اثنين إذ هما في الغار فرمى إليه بأخرى، فقال فعززناهما بثالث فأعطاه ثالثة، فقال فخذ أربعة من الطير فألقى إليه رابعة، فقال خمسة سادسهم كلبهم فدفع إليه خامسة، فقال في ستة أيام فجعلها ستة، فقال سبع سماوات طباقا فصيرها سبعة، فقال ثمانية أزواج فرمى إليه بالثامنة، فقال وكان في المدينة تسعة رهط فرمى بها إليه، فقال إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر
1 / 22