ومما يزيد هذا المعنى للحجاب تأكيدا قوله تعالى: {وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا(45)} [الإسراء]، فقال الله: حجابا مستورا.
فهل معنى ذلك أن الله تعالى كان يجعل بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين المشركين ستارة لا يرونه من خلالها؟!. كلا
بل المعنى اللائق أن الحجاب هنا هو عدم انتفاعهم وقبولهم وتقبلهم للقرآن، فالحجاب هنا حجاب قلبي وليس حجابا بصريا.
وكذلك قول الله سبحانه حاكيا عن الكافرين: {وفي ءاذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب} [فصلت:5]، فالمعنى أن بيننا وبينك مانع لا نستطيع معه أن نتبعك ولا أن نستجيب لكلامك.
فالحجاب الذي بيننا وبين الله هو حجاب معنوي، وهو أننا لا نستطيع أن نتصوره ونتخيله ونعرف كنهه؛ لأنه متعال عن الهيئة والكيفية والصورة؛ لأنها من صفات الأجسام.
ومن ادعى أن هناك حجابا محسوسا بيننا وبين الله تعالى، فعليه أولا أن يخبرنا ويعرفنا بالحجاب الذي كان يحصل بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين المشركين.
وأيضا: فإنه لا يمكن البقاء على القول بالحجاب المحسوس إلا مع التزام أن الله جسم، والالتزام بذلك جهل بالله وتشبيه له بخلقه الضعيف تعالى عن ذلك الخبير اللطيف.
पृष्ठ 64