ومن الظاهر أن تشخيص ذلك يتوقف على علم الرجال.
الامر الثاني:
إنه لا ريب أن كل خبر - من حيث هو - يحتمل الصدق والكذب، فتقديم أحد الإحتمالين يحتاج إلى مرجح، لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح، الذي اتفق العقلاء على قبحه وبطلانه. والمرجح هو الوثوق بصدور الخبر عن الرسول وآله صلوات الله عليهم، ولا يحصل إلا بالعلم بأحوال الرواة الواقعة في سند الحديث، أو بالنظر إلى متن الحديث من حيث كونه متواترا لفظا أو معنى، أو موافقا لظاهر الكتاب العزيز، أو لما يجد صحته بحكم العقل والفطرة العقلائية.
الأمر الثالث:
الأخبار المستفيضة الواردة في مقام علاج تعارض الأخبار الآمرة بالرجوع إلى الأعدل والأورع والأفقه، فإن إحراز هذه الصفات في رجال الإسناد موقوف على علم الرجال لفقد معاشرتنا معهم. فانحصر في المراجعة إلى الكتب المعتبرة المكتوبة في علم الرجال.
ويمكن تقرير هذا الأمر بطريق عقلي، وهو أنا نعلم يقينا أن الأخبار متعارضة، ونعلم إجمالا بوجود المرجح لأحد المتعارضين منها في الواقع، فمع التمكن من تحصيل المعرفة بالمرجح بالرجوع إلى علم الرجال يكون الأخذ بأحدهما من دون الرجوع إليه باطلا لقبح الترجيح بلا مرجح، فلتحصيل المرجح يلزم الرجوع إلى علم الرجال، وهو المطلوب.
ومن المرجحات المشار إليها في الروايات المستدلة بها على الاحتياج إلى علم الرجال قوله (عليه السلام) في مقبولة عمر بن حنظلة المشهورة: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما... الخبر.
وقول الصادق (عليه السلام) في رواية داود بن الحصين، المروية في الفقيه: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه... الخ.
पृष्ठ 12