EDITOR|
مستدرك علم رجال الحديث تأليف العلامة الحجة المحقق الشيخ علي النمازي الشاهرودي الجزء الأول الكتاب: مستدركات علم رجال الحديث المؤلف: العلامة المحقق الشيخ علي النمازي الشاهرودي قدس سره الناشر: ابن المؤلف - على نفقة حسينية عماد زاده - أصفهان الفلم والألواح الحساسة (الزنك): ليتوكرافي تيزهوش - قم المطبعة: شفق - تهران الطبعة الأولى - ربيع الاخر 1412 ه بسم الله الرحمن الرحيم جميع الحقوق محفوظة ومسجلة توطئة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين و بعد:
فلا يخفى على القارى الكريم ما لعلم الرجال من أهمية بالغة تبدو واضحة للعيان في اعتماد رجال الحديث في جانب مهم من قبول ورد الأحاديث بالاستناد إلى ما ذهب اليه علماء الرجال من جرح وتعديل وتوثيق وتوهين لرواة الأحاديث ورجال الأسانيد في الاجتهاد في الأحكام الشرعية وغيرها، ومن هنا وكما هو واضح للعيان فقد نال هذا العلم من الحضوة والتقدير ما نالته العلوم الأخرى بل وخضعت حتى هذه الكتب للمناقشة والتصحيح والرد وغير ذلك.
بيد ان لعلماء الشيعة باعا طويلا في هذا المضمار حيث أولوه الاهتمام الكبير والرعاية المستمرة، فكانت هناك العديد من المؤلفات المهمة التي تمتد إلى أوائل العهد الاسلامي والتي لم يصلنا منها الشئ الكثير لسبب من الأسباب PageV0MP001
المتعددة الا ان ما وصلنا منها وخصوصا من القرن الرابع والخامس الهجري دليل بين على ما ناله هذا العلم من الرعاية الكبيرة والجهد العظيم، والتي من أهمهما:
رجال الكشي، ورجال النجاشي، ورجال الطوسي وفهرسته، ورجال البرقي، وهذه الأصول الخمسة كانت الحجر الأساس الذي انطلقت منه الكثير من التآليف الرجالية المتعددة أمثال رجال الحلي وابن داود وغيرها.
ولعل كتابنا الماثل بين يديك (مستدركات علم رجال الحديث) للعلامة الحجة المحقق الشيخ علي النمازي الشاهرودي من ثمرة تلك الجهود المباركة، حيث سلك فيه مؤلفه منحى جديدا في اعداده معتمدا في ذلك على المصادر الحديثية التي يتصدرها كتاب بحار الأنوار للشيخ المجلسي باعتباره موسوعة حديثية جامعة حيث قام بترتيب الاعلام وفقا للحروف الهجائية مثبتا الكثير من الأسماء التي لم ترد في غيره من الكتب الرجالية مع اخضاع العديد من الأسماء للمناقشة والبحث.
ولا يفوتنا ان نتقدم بالشكر الجزيل والثناء الوافر لسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ حسن النمازي نجل سماحة الشيخ المؤلف لتقديمه الكتاب مع إبداء ملاحظاته القيمة وذلك بتكميل بعض الارجاعات مع تدقيق النسخ وتصحيحها وتهذيبها واخراجها بحلة قشيبة. فلله دره وعليه اجره وأيا يكن فيعد هذا الكتاب جديدا في بابه ومنحاه، ووفرة ما حواه من الأسماء التي قد تكون مادة للصقل والتهذيب بيد الاعلام العظام والباحثين المختصين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
حسينية عماد زاده PageV0MP002
ترجمة المؤلف العلامة آية الله الشيخ علي النمازي بسم الله الرحمن الرحيم مولده ولد رحمه الله بمدينة " شاهرود ". وقد ذكر في هذا الكتاب تاريخ ولادته هكذا: كان مولدي في 17 شهر رجب الأصب سنة 1333 ه. ق، كما وجدت بخط والدي رضي الله عنه.
وقد قيل في تاريخ ولادته:
" سلام على علي في الآخرين " (131) (110) (110) (90) (892) جمع الكل: 1333 والده هو العالم الرباني، الفقيه الصمداني، مثال الزهد والورع، المشتهر عند الآيات العظام بسلمان زمانه، الشيخ محمد بن إسماعيل بن محمد خان بن هاشم بن حاتم النمازي السعدآبادي الشاهرودي. وقد قال المؤلف قدس سره عن أبيه في هذا الكتاب: كان عالما عاملا كاملا بصيرا، فاضلا خبيرا، فقيها مفسرا فهاما و حافظا للأخبار وضابطا للآثار، معتدل السليقة، حسن الطريقة، عالي الهمة، عدلا ثبتا، زاهدا متقيا، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه، حافظا لدينه، صائنا لنفسه، دقيقا في التشريعيات، آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، مروجا للأحكام الشرعية، ومبلغا للشريعة الأحمدية صلى الله عليه وآله، باذلا قوته و قدرته في ذلك أزيد من سبعين سنة. PageV0MP003
وكان مجتهدا في الأحكام الشرعية مجازا في ذلك عن غير واحد من العلماء الكرام والفقهاء العظام - زاد الله في علو درجاتهم، وألحقنا الله بهم، مع محمد و آله الطيبين الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - منهم السيد السند و الحبر المعتمد، الأعلم في زمانه السيد أبو الحسن الأصفهاني قدس سره، والسيد الجليل والعالم النبيل، السيد محمد الفيروزآبادي قدس سره.
وبالجملة كان والدي صارفا أوقاته في الليل والنهار بالتدريس والتعليم للخواص والعوام، فلم يبرز من قلمه إلا حواشي على البحار ونهج البلاغة وغيرهما وقال لي يوما: " إني كنت في ليلة بين النوم واليقظة، فسمعت أذكار الأشجار و الأحجار " وقال لي أيضا: " رأيت في ليلة أن صاحب الزمان عليه السلام قد ظهر وله خيمة بين الأرض والسماء تسير طرف القبلة، وكنت مع جماعة تذهب لنصرته ".
وقال أيضا " كنت مع جماعة في سفر بيت الله الحرام. فلما سرنا إلى المدينة وقربنا منها، جاءنا الفساق والسراق فمنعونا من زيارة النبي والأئمة صلوات الله عليهم. فاشتد بنا الحزن، وبكينا وزرنا من بعيد وانصرفنا. فرأى بعض الثقات وهو محمد بن حسن البسطامي في المنام أن رسول الله صلى الله عليه وآله و أمير المؤمنين عليه السلام جاءا إلى شاهرود لتشرفي بزيارتهما وكان تاريخ الرؤيا بعد وقوع المنع بقليل. " ويستظهر من ذلك قبولهما صلوات الله عليهما زيارته.
وكان والدي قد يسافر من شاهرود إلى مشهد الرضا المقدسة ماشيا مرات كثيرة - لعله كان أزيد من أربعين مرة - وتشرف بزيارة بيت الله الحرام والأعتاب المقدسة مرات عديدة.
وقد توفى قدس سره في وقت السحر في ليلة 20 من شهر رمضان سنة 1384 ه. ق. وقلت في تاريخ وفاته:
" رفت بجاى بقاء حجت اسلام ما ": 1384.
وقلت أيضا: " هو داخل في الرحمة ": 1384.
نشأته العلمية تتلمذ رحمه الله مقدمات العلوم وسطوح الأصول والفقه بالإضافة إلى PageV0MP004
مطالعاته في الحديث والتفسير والرياضيات والتاريخ وغيره في مسقط رأسه على أعلامه سيما والده العلامة، كما قال في " تاريخ فلسفة وتصوف " ص 116 ما تعريبه:
" كان والدي وأستاذي في العربية واللغة والأصول والفقه والحديث والتفسير ومؤدبي ".
وقد عرف عن المؤلف العلامة نبوغه المبكر واستعداده الفذ. فقد استطاع أن يكمل دراسته في الفقه والأصول بدرجة ملفتة للنظر، ثم سافر إلى مشهد المقدسة مكملا ما فاته من فضل وعلم علمائها، فأوجد بجهاده وسعيه المتواصل نقطة عطف في الفكر الإسلامي النقي، وأثبت بالأدلة المتقنة والبراهين الجلية أن الوصول إلى معارف الاسلام الحقة، واجتناب أي تشويش وانحراف، لا يكون إلا عن طريق علوم اهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم أجمعين.
لقد طوى والدنا العلامة آية الله النمازي - لما كان له من قابلية واستعداد خاص - المدارج العالية للفقه والأصول الواحد تلو الآخر، في أقصر مدة، و حصل على درجة الاجتهاد، حتى شرع بكتابة فقهه الاستدلالي وهو في عامه الثاني والعشرين.
لقد كانت رغبته الشديدة في التعرف على أفكار العلماء والمحققين في الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف سببا لسفره إليها، والإقامة مدة من عمره في جوار مولاه علي عليه السلام. وتعرف في تلك الفترة على الآراء الفقهية والمباني الأصولية لكبار علماء ذلك الوقت.
أما رغبته غير المحدودة في أداء رسالته التبليغية، والتدريس وهداية الناس، قد أوجبت عودته إلى وطنه إيران والإقامة في مشهد، ولم يغفل لحظة واحدة منذ ذلك الوقت وحتى ساعة ارتحاله إلى عالم الملكوت والقرب الإلهي عن أداء الوظائف العلمية والتعليمية والتربوية.
ووصل في علم الرياضات والهندسة إلى درجات عالية، وكان تفوقه و معرفته في المسائل الرياضية ظاهرا عند مباحثته ومناقشته لها مع أساتذتها المتخصصين.
وأيضا كان له تبحر خاص في التاريخ. وإضافة إلى تلك العلوم كان له معرفة ببعض فنون الدقيقة كالخط، فكان يتحرر كتبه وتأليفاته بخطه الجميل.
ووفق لحفظ القرآن منذ أوائل بلوغه، وكان إذا سئل عن أي آية يستطيع PageV0MP005
أن يحدد في أي سورة هي من السور القرآنية، ومكانها التقريبي في السورة.
وكان له معرفة واسعة في اللغات الحية، فبالإضافة إلى تبحره وتمكنه الواسع في اللغة العربية كان عارفا باللغة الفرنسية أيضا.
وكان رحمه الله عالما بالطب والأدوية النباتية، وملما بالعلوم الغريبة. و كانت له يد طولى ومهارة تامة في البحث والمناظرة بفضل أهل بيت العصمة و الطهارة. وكانت له إحاطة واسعة بآراء الفرق الاسلامية الأخرى المختلفة إضافة لتعمقه في مدرسة أوليائه أمير المؤمنين والإمام الصادق عليهما السلام، فقامت له مناظرات واحتجاجات مع تلك الفرق مستندا إلى الكتب المعتبرة، فأذعنوا له و وقفوا أمامه.
لقد كان نشاطه فيما يتعلق بالأحاديث والرجال يتركز بشكل أساس على كتاب بحار الأنوار. وقد قال عن ذلك: لقد قرأت كتاب بحار الأنوار ثلاثة مرات كاملة وبدقة من أجل متون أحاديثه، ومرتين لأجل رجال حديثه.
لقد كانت ثمرة هذه المطالعة الواسعة والدقيقة والمرهقة - إضافة إلى تتبعه الكامل لدورة " الغدير " و " إحقاق الحق " وكتب خاصة وعامة أخرى - تأليف و تدوين دورتي " مستدرك سفينة البحار " و " مستدركات علم رجال الحديث ".
لقد كان يعتبر - بحق - من أعجوبات التاريخ الاسلامي في معرفة الحديث و الرجال، كما قال عنه الفقيه الراحل آية الله العظمى النجفي المرعشي قدس سره إنه " مجلسي زمانه ".
أستاذه في مشهد لقد كتب الوالد المعظم عن أستاذه في مدينة مشهد، فقيه أهل البيت آية الله العظمى الميرزا مهدى الإصفهاني في كتابه مستدرك سفينة البحار ج 10 / 501 لغة " هدى " ما نصه:
هو العالم العامل الكامل بالعلوم الإلهية، والمؤيد بالتأييدات الصمدانية، الورع التقى النقي المهذب بالأخلاق الكريمة، والمتصف بالصفات الجليلة، مولانا وأستاذنا الآقا ميرزا مهدى الأصفهاني الخراساني المسكن والمدفن في دار الضيافة الرضوية على ساكنها آلاف الثناء والتحية، جمع الله تعالى بيننا في PageV0MP006
جوار أوليائه محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم.
ولد رحمه الله في سنة 1303 في أصفهان وتلمذ عند أبيه حجة الاسلام الحاج شيخ إسماعيل وعند علماء أصفهان من الفقهاء الكرام حتى بلغ مرتبة كاملة جليلة في الفقه والأصول، فخرج منه عازما إلى التشرف بجوار مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف. فلما تشرف حضر درس الفقيه العلامة السيد محمد الكاظم اليزدي صاحب العروة الوثقى والعلامة الآخوند ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية في الأصول، ثم حضر محضر العلامة المحقق الشيخ محمد حسين النائيني قدس سرهم.
قال مولانا الأستاذ: أفاض لي العلامة النائيني مهمات الفقه والأصول و استفدت منه مدة منفردا. وأول من لحق بنا العلامة السيد جمال الگلپايگانى. ثم بعد مدة لحق بنا واحد بعد واحد حتى صرنا سبعة أفراد من الأوتاد وتم لنا دورة الفقه والأصول في سبع نفرات . وكنا في محضره الشريف إلى أربع عشرة سنة.
وحين بلغ إلى خمس وثلاثين سنة سنه الشريف، نال أعلى مراتب الاجتهاد و أجازه العلامة النائيني وغيره أحسن الإجازات. ومما عبر به في إجازته المفصلة التي كتبها النائيني بخطه الشريف في شوال 1338 ه المزينة بخطوط جمع من الأعاظم المراجع الكرام وتكون عندي قال: " العالم العامل والتقى الفاضل العلم العلام والمهذب الهمام ذو القريحة القويمة والسليقة المستقيمة والنظر الصائب والفكر الثاقب عماد العلماء والصفوة الفقهاء الورع التقى والعدل الزكي جناب الآقا ميرزا مهدى الأصفهاني أدام الله تعالى تأييده وبلغه الأماني - إلى أن قال - وحصل له قوة الاستنباط وبلغ رتبة الاجتهاد وجاز له العمل بما يستنبطه من الأحكام " - الخ وكان مشتغلا بتعلم الفلسفة المتعارفة وبلغ أعلى مراتبها. قال: لم يطمئن قلبي بنيل الحقائق، ولم تسكن نفسي بدرك الدقائق، فعطفت وجه قلبي إلى مطالب أهل العرفان. فذهبت إلى أستاد العرفاء والسالكين السيد أحمد المعروف بالكربلائي في كربلاء وتلمذت عنده حتى نلت معرفة النفس وأعطاني ورقة أمضاها وذكر اسمى مع جماعة بأنهم وصلوا إلى معرفة النفس وتخليتها من البدن. ومع ذلك لم تسكن نفسي إذ رأيت هذه الحقائق والدقائق التي سموها بذلك لا توافق ظواهر الكتاب وبيان العترة ولا بد من التأويل والتوجيه.
PageV0MP007
ووجدت كلتا الطائفتين كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، فطويت عنهما كشحا وتوجهت وتوسلت مجدا مكدا إلى مسجد السهلة في غير أوانه باكيا متضرعا متخشعا إلى صاحب العصر والزمان عليه السلام، فبان لي الحق وظهر لي امر الله ببركة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه ووقع نظري في ورقة مكتوبة بخط جلى: " طلب المعارف من غيرنا - أو طلب الهداية من غيرنا (الشك منى) مساوق لإنكارنا " وعلى ظهرها مكتوب:
" أقامني الله وأنا حجة بن الحسن.
قال: فتبرأت من الفلسفة والعرفان وألقيت ما كتبت منهما في الشط و وجهت وجهي بكله إلى كتاب الكريم وآثار العترة الطاهرة فوجدت العلم كله في كتاب الله العزيز وأخبار أهل البيت الرسالة الذين جعلهم الله خزانا لعلمه و تراجمة لوحيه ورغب وأكد الرسول صلى الله عليه وآله بالتمسك بهما وضمن الهداية للتمسك بهما. فاخترت الفحص عن أخبار أئمة الهدى والبحث عن آثار سادات الورى فأعطيت النظر فيها حقه وأوفيت التدبر فيها حظه، فلعمري وجدتها سفينة نجاة مشحونة بذخائر السعادات وألفيتها فلكا مزينا بالنيرات المنجية من ظلمات الجهالات، ورأيت سبلها لائحة وطرقها واضحة وأعلام الهداية والفلاح على مسالكها مرفوعة، ووصلت في سلوك شوارعها إلى رياض نضرة وحدائق خضرة مزينة بأزهار كل علم وثمار كل حكمة إلهية الموحاة إلى النواميس الإلهية فلم أعثر على حكمة الا وفيها صفوها ولم أظفر بحقيقة إلا وفيها أصلها. والحمد لله هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
ثم خرج الأستاذ الأعظم من العراق عازما إلى إيران فاختار مجاورة الإمام الرؤوف علي بن موسى الرضا عليه السلام وشرع في التعليم والتدريس مطالب الفقه والأصول ومعارف القرآن في مدة قريبة من ثلاثين سنة وقوم الأفاضل و الأكارم بأحسن تقويم وأفاض مطالب الأصول في ثلاث دورات: الأول بنحو المفصل والمبسوط على المرسوم، والثاني في إثبات ما يختاره في ذلك بالأدلة التامة، والثالث مهمات مباحث الأصول التي يتوقف عليها الاستنباط.
وكذلك أجاد فيما أفاد من الفقه ومعارف القرآن وكان ساعيا مجدا في نشر العلوم والمعارف بحيث لم يكن له تعطيل في تمام السنة إلا أياما قليلة قليلة لا تبلغ عشرة أياما كل وقت على حسب ما يقتضيه ويرتضيه. PageV0MP008
فاستفاد من محضره الشريف الأفاضل والأماثل حتى بلغ أكثرهم رتبة الاجتهاد في الفقه والأصول والمعارف الإلهية فبلغوا من ذلك أعلاها ووصلوا إلى أسناها. والحمد لله الذي وفقني للتشرف بشرف محضره الشريف والاستفادة من مقامه الكريم مدة تقرب من خمس عشرة سنة. والحمد لله رب العالمين كما هو أهله ولا إله غيره.
وانتقل أعلى الله مقامه من هذه الدنيا الدنية إلى دار الكرامة والرحمة في صباح يوم الخميس التاسع عشر من ذي الحجة الحرام في سنة 1365.
ولقد ذكرت في مستدرك السفينة بعض كلماته الشريفة في البداء ونفى الجبر و...
وله طاب ثراه مؤلفات ومصنفات في الفقه والأصول والمعارف وأصول الأصول.
مكارم أخلاقه كان أعلى الله مقامه ملتزما بالوظائف الشرعية على الدوام ومحافظا على النوافل اليومية وغسل الجمعة وغيرها من المندوبات. وكان مثالا رائدا في الزهد والتقوى والورع وبلغ في التواضع ما بلغ. وكان بشره في وجهه وحزنه في قلبه، يعطف على الكبير ويحنو على الصغير. كان واعظا متعظا ويلقى على سامعيه الأحاديث المنقولة عن العترة الطاهرة عليهم السلام.
هذا بالإضافة إلى أنه كان شديد الإخلاص لأهل بيت الرسول عليهم السلام، كثير التوصل بهم في كل أحواله وأموره. وكان عند قراءة ما ورد عليهم من الآلام والفجائع على أيدي أعدائهم وغاصبي حقوقهم، بل عند ذكر أسمائهم الشريفة سيما الإمام الصادق عليه السلام تنحدر دموعه على شيبته وكان حينئذ يقول: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة و...
آثاره العلمية المطبوعة 1 - مستدرك سفينة البحار نظم هذا الكتاب في عشرة أجزاء. ولقد استطاع المؤلف أن يقدم هذا الأثر PageV0MP009
القيم إلى عالم التشيع وعلى الأخص الحوزات العلمية، بعد ثلاثين عاما من العمل الدؤوب رغم أشغاله الأخرى الكثيرة.
2 - مستدركات علم رجال الحديث وهو الذي بين يديك.
وقد ذكر المؤلف فيه أسامي آلاف من رواة أحاديث الشيعة ورجال المشايخ العظام في الكتب الأربعة المشهورة وغيرها لم يذكرهم علماء الرجال رضوان الله تعالى عليهم حتى العلامة المامقاني في كتابه " تنقيح المقال ".
ولا يترك القول أن العلامة المامقاني ألف رجاله من ثلاثين كتابا رجاليا إلا أن العلامة المرحوم إستخرج إضافاته من كتب المشائخ العظام ومصادر بحار الأنوار، ولم يذكر فيها أحدا من غير الثقات المشهورين ممن ذكروه، إلا من كان له مزيد من البيان في حقه من رفع الجهالة أو الضعف عنه أو جعله ممن روى عنهم بعد أن جعلوه ممن لم يرو عنهم عليهم السلام، أو دركه وصحبته لإمام أزيد مما تعرضوا له كل ذلك مع تعيين المدرك والدليل.
فمثلا ذكروا في باب جعفر (168) شخصا في حين ذكر المرحوم (414) شخصا منهم (249) لم يذكروهم ، ويشبه هذا ما في " حسن " و " حسين " و " حصين " و " الحكم " و " حكيم " و " حماد " و...
إن هذا الكتاب في الحقيقة مستدرك لجميع الكتب الرجالية المؤلفة قبل المرحوم أو في عصره، وأشهرها في هذا الزمان رجال المرحوم المامقاني، ورجال آية الله العظمى الخوئي قدس سره.
واستقصى فيه ما في مائة كتاب رجالي وهو آخر أثر كان لمرحوم تحقيق و تدقيق فيه، وكان يعطيه أهمية خاصة وعلى الأخص ما فيه من تحقيقات رجالية جديدة، وعلى سبيل المثال نذكر منها موردين:
الف - حكيم بن جبلة العبدي:
وهو اسم أحد الرواة في كتب الشيعة، لقبه أغلب الرجاليين بعنوان الرجل الصالح، وهو لقب ورد في كتب السير، كما ذكره المحدث النوري في مستدرك الوسائل ج 3 / 795 نقلا عن " الدرجات الرفيعة " وأورد فيه أدلة وقرائن على صحة هذا القول.
أما الرجالي العظيم الشأن أي العلامة النمازي قدس الله سره قد ذكر في هذا PageV0MP010
الكتاب قائلا:
" حكيم بن جبلة العبدي من أصحاب الرسول صلى الله وآله وأمير المؤمنين عليه السلام. هو الرجل الصالح بشهادة أمير المؤمنين عليه السلام، كما في كمباج 8 / 26 و 411، وجد ج 32 / 92.
حارب طلحة والزبير قبل قدوم أمير المؤمنين بالبصرة وقتلاه، واعترضا على أمير المؤمنين بقولهما: استبددت برأيك عنا ورفضتنا رفض التريكة وملكت أمرك الأشتر وحكيم بن جبلة وغيرهما من الأعراب - إلى آخره. كمبا ج 8 / 395، وجد ج 32 / 24.
يستفاد من ذلك قوة ايمانه وكماله وأنه من رؤساء الشيعة. ولا نحتاج في إثبات صلاحه إلى الاستشهاد بقول ابن الأثير وغيره. ويدل على مدحه ما في كتاب الغدير ط 2 ج 9 / 148 و 168 و 186، وثناء أمير المؤمنين عليه السلام عليه بقوله:
دعا حكيم دعوة سميعة نال بها منزلة الرفيعة - إلى آخره، وتمامه في ص 186.
ب - يونس بن ظبيان:
عده العلامة الحلي من الضعفاء وأورد قول النجاشي رحمه الله في تضعيفه (1)، ولكن المرحوم أورد روايات مادحة له في هذا الكتاب في يونس بن ظبيان تدل على وثاقته وجلالة قدره، وأجاب على الروايات الموهمة خلاف ذلك.
وهذا ما فعله أيضا مرحوم النوري في مستدرك الوسائل ج 3 / 860 - 864.
3 - الاحتجاج بالتاج على أصحاب اللجاج (الهادي) لقد أخذ هذا الكتاب من كتاب " التاج " الجامع لأصول العامة (الصحاح الستة) وهو من تآليف أحد علماء مصر المعروفين، وعليه تقريظات لسبعة علماء آخرين من علماء مصر، فاستخرج منه الأخبار الدالة على أحقية مذهب التشيع فاحتج بها عليهم.
4 - الأعلام الهادية في اعتبار الكتب الأربعة يشرح المرحوم في هذا الكتاب وبالتفصيل اعتبار وصحة كتب الشيعة
PageV0MP011
الأربعة التي كانت ولا زالت مدار أحكام الشريعة المقدسة والمعارف الإلهية الحقة لدى جميع العلماء والفقهاء والمجتهدين في زمان غيبة الكبرى وأشار ضمن ذلك إلى كلمات كبار العلماء في هذه المسألة، وإليك بعضا مما جاء فيه:
فيه تحقيق كامل حول كلام ركن علم الفقاهة الشهيد الثاني في أن الكتب الأربعة قد أخذت من الأصول الأربعمأة لثقات أجلاء أصحاب الأئمة عليهم السلام، وأفضلها وأجمعها وأشرفها كتاب الكافي، وقد قال الشيخ الصدوق في أول كتابه " من لا يحضره الفقيه " أن هذه الأصول أصول معروفة ومشهورة و معتبرة ومعتمدة في عامة الحديث والفقه.
وأخذ الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي أحاديث كتبهم (الكتب الأربعة) من تلك الأصول، أما الاختلاف بينهم في أخذهم للأحاديث من تلك الأصول أن الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي لأجل الاختصار والفرار من التكرار ذكرا في بداية الحديث اسم صاحب الأصل الذي ينقلان عنه، ثم أوردا في آخر الكتاب طرقهما إلى ذلك الأصل بذكر شيوخ إجازة الرواية له كما صرحا بذلك في أول " من لا يحضره الفقيه " وآخر " التهذيب " و " الاستبصار ".
وهذا على خلاف الشيخ الكليني في " الكافي "، فهو يكرر في أول كل حديث يأخذه من تلك الأصول أسماء شيوخ الإجازة في نقله لها، فلو كان الأصل حاويا على مائتي حديث مثلا فإنه يكرر شيوخ إجازته في نقل تلك الأحاديث مع كل حديث، فيتكرر السند بذلك مائتي مرة، وأحيانا يعمل كعمل الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي في عدم تكرار الطريق والاكتفاء بذكر صاحب الأصل.
وعلى سبيل المثال فإن الشيخ الكليني روى نقلا عن أصل كتاب الحج لمعاوية بن عمار أحاديث كثيرة في كتاب الحج من موسوعة " الكافي " بما يتجاوز المائة وستين حديث وفى كل منها ذكر طريقه إليه وقد ذكر في أحدها ثلاث طرق لديه، وفى بقية الموارد كرر ذكر طريقين له إليها، واكتفى أحيانا بذكر طريق واحد وأحيانا نقل من الأصل بدون ذكر طريقه إليه.
اما الشيخ الصدوق في " من لا يحضره الفقيه " والشيخ الطوسي في " التهذيب " و " الاستبصار " فقد نقلا ضمن كتاب الحج أحاديث كثيرة من أصل كتاب الحج لمعاوية بن عمار، ثم ذكرا في آخر كتابيهما طريقهما إليه. PageV0MP012
ذكر هذا الموضوع مرحوم آية الله النمازي في كتابه مناسك الحج، وذكر فيه اسم ستين أصل على سبيل المثال.
إذن إن لم نقل أن جميع أسانيد " الكافي " هي عبارة عن شيوخ الإجازة لرواية كتب الآخرين، فإن أكثرها كذلك، كما بينه المرحوم في هذا الكتاب، و دفع الشبهات الموهمة لخلاف ذلك.
أما الشيخ الطوسي فقد ذكر في أوائل " التهذيب " و " الاستبصار " شيوخ إجازته لرواية الحديث في أول السند، كما فعل الشيخ الكليني، كذكره شيوخه في الإجازة في نقل أحاديث الكافي في أول سنده، وصرح في آخر الكتاب أنه روى أحاديث كثيرة من كتاب الحسين بن سعيد الأهوازي وكتاب الحسن بن محبوب و كتاب نوادر أحمد بن محمد بن عيسى التي وصلت إليه في أواخر كتاب التهذيب و الاستبصار بدون ذكر طريقه إليها.
ونقل في كتاب " العدة " الاجماع على صحة الكتب الأربعة، ومجد في كتابه " الفهرست " الشيخ الكليني وقال: إن كتاب الكافي هو أصح الكتب الأربعة.
وكتب آية الله العظمى الخوئي قدس سره في مقدمة رجاله ج 1 / 99 أنه سمع من أستاذه العلامة النائيني أنه قال: إن الخدش والمناقشة في أسانيد الكافي شغل العاجز.
وذكر آية الله العظمى البروجردي رحمه الله في كتاب جامع الأحاديث ما ملخصه أن عدد الكتب التي جمعت أحاديث الشيعة في زمان الإمام الثامن عليه السلام وصل إلى الأربعمائة، ثم قام جمع من فضلاء أصحاب الطبقة السادسة من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام في جمع هذه الأحاديث الشريفة المتفرقة في تلك الكتب، ثم جمع تلامذتهم الأجلاء من أمثال علي بن مهزيار الأهوازي والحسين ابن سعيد الأهوازي تلك الأحاديث في كتابين فكانا مرجعا لعلماء الشيعة، حتى قام ثقة الاسلام الكليني في تأليف كتابه " الكافي " في مدة عشرين عاما وألف الشيخ الصدوق كتابه " التهذيب " و " الاستبصار ".
وبهذا قد جمعت في هذه الكتب الأربعة الجوامع الحديثية الأولية والثانوية و بأحسن وجه فكانت مرجعا لعلماء الشيعة في تلك الأعصار والأمصار، ولأن جميع أحاديث تلك الأصول اجتمعت في هذه الكتب الأربعة، قلت المراجعة لتلك PageV0MP013
الأصول تدريجيا حتى تركت.
هذا وقد أورد المرحوم فيه كلمات وأقوال بقية العلماء الكبار حول هذا الموضوع مع ما قاله العلامة المجلسي الأول في كتابه " روضة المتقين ".
5 - أبواب رحمت وهو أفضل كتاب في بيان أصول الدين الخمسة، مع تسعة مواضيع مهمة في الأخلاق، فهو يشتمل على معرفة الله، ومعرفة النبي، ومعرفة الإمام، و الوصول إلى كنه معرفة الولاية، وكليات صفات الإمام، ودورة في تفسير القرآن وحقيقة الصلاة وأهميتها وفضيلتها، مع بيان شرف وعظمة جميع أجزاء الصلاة وأقسامها، وأنواع الانفاق (المال والقوة والعلم) والصوم وفضيلته و فضيلة شهر رمضان وليلة القدر، والحج وأهميته وفضله، وخلق الكعبة و الحرم والحجر وزمزم والمسجد الحرام، وحقيقة الحجر الأسود والمقام، وحج الملائكة قبل آدم، وبناء جبرئيل الكعبة، وحج الأنبياء ومناسك الحج، وفضيلة وأهمية التوبة والنية الحسنة، والصبر وأقسامه وإصلاح ذات البين، وحقوق الوالدين، وغير ذلك من أمور الدين المهمة التي هي مورد احتياج عموم المسلمين.
6 - تاريخ فلسفة وتصوف وهو كتاب يكشف الأسرار الخفية للمتصوفة ويبين عقيدتهم الفاسدة و يوضح الاتحاد بين ما تصل إليه مقالات المدعين للمكاشفة والشهود (اهل التصوف) والفلاسفة العرفانيين، وان الطريقين في النتيجة طريق واحد، وهو مأخوذ من القدماء قبل المسيح عليه السلام، ولا ربط له بأي شريعة سماوية و انتسابهم إلى الشرع كذب ودجل، فجميع الشرائع مخالفة ومباينة لعقائدهم.
7 - مناسك الحج يحتوى هذا الكتاب الشريف على ما بينه الإمام الصادق عليه السلام في أداء فريضة الحج - منذ الخروج من المنزل وحتى الوداع الأخير للكعبة - وكتبه ابن عمار، ويشتمل أيضا على فضيلة الحج وذم تاركه، وخصوصيات مكة و المدينة، وكيفية الحج الموافق للاحتياط ضمن فتاوى جميع علماء السلف والخلف فيكون صحيحا ومجزيا.
ونرى من اللازم أن نذكر ما خطه قلم المرحوم بالنسبة لمعاوية بن عمار PageV0MP014
باعتباره صاحب الكتاب الذي أخذ المرحوم هذه الرسالة منه، فقد كتب: يعتبر معاوية بن عمار على ما أجمع عليه العلماء والمحدثون من خواص أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم عليهما السلام وعدالته ووثاقته وجلالته محرزة لدى جميع علماء الشيعة وأحاديثه مورد قبول الجميع. ولقد ألف كتابا في الحج فيه ما بينه له الإمام الصادق عليه السلام من أعمال الحج منذ بداية الخروج من المنزل و حتى وداع الكعبة الشريفة وكتبه منه. وقد نقل الشيخ الكليني والشيخ الطوسي والشيخ الصدوق كتابه ضمن الكتب الأربعة وبأسانيد صحيحة، وفرقوا أجزائه في أبواب الحج المختلفة، لما كان لديهم من روايات أخرى في هذا الباب، فبوبوا بذلك كتابه موضوعيا وخلطوا رواياته مع الروايات الأخرى في الحج.
وقد أخذ المرحوم تلك الروايات من الكافي في أغلب الأحيان بسندين صحيحين وأعاد ربطها مع بعضها.
8 - رسالة تفويض تبحث هذه الرسالة باختصار مسألة تفويض أمر الدين إلى النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الهداة المهديين عليهم السلام 9 - رسالة علم غيب إمام عليه السلام يشرح المؤلف في هذه الرسالة معنى علم الغيب ويستعرض أقوال العلماء الكبار كالشيخ المفيد والسيد الطباطبائي في حاشية كتاب القوانين للميرزا القمي ويشير إلى الأبواب التي تثبت هذا الموضوع من كتاب بحار الأنوار. واستفاد أيضا في إثبات علم الغيب من أقوال وأحاديث أمير المؤمنين والإمام الباقر عليهما السلام.
10 - أصول دين وفيه شرح وبيان أصول الدين الخمسة المشهورة بالأدلة العقلية والنقلية، وأورد فيه ضمن بحث الإمامة فهرسا لأحاديث العامة والخاصة في النص على إمامة الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام.
11 - رسالة نور الأنوار وذكر فيه خلق الرسول صلى الله عليه وآله وخلق أئمة الهدى عليهم السلام منذ أول الخلق وحتى ولادتهم. وقد استفاد كثيرا في كتابه هذه الرسالة من كتاب " الأنوار " للشهيد الثاني رحمه الله. PageV0MP015
12 - أركان دين يحتوى هذا الكتاب على مجموعة من المعارف الإسلامية، وهي عبارة عن أصول الدين الخمسة، وبحث ولاية وعلم وقدرة الإمام، والصلاة، والقواعد الكلية المرتبطة بأحكام الشك والسهو، بشكل مبسوط يسهل على الجميع فهمه وكذلك أنواع الانفاق، وفضل الصوم والحج، وخلق الكعبة، وحقيقة الحجر الأسود، وعلة الحرم وحدوده وأحكامه، والمقام، وحجر إسماعيل، وتفسير الآيات البينات، وتفصيل حجة الوداع، وفضيلة زيارة النبي وأمير المؤمنين وسيد الشهداء وثامن الأئمة عليهما السلام وإثبات الرجعة. ومن الانصاف القول بأن هذا الكتاب هو مجموعة كافية وافية في تحصيل دورة كاملة من المعارف و الأحكام الإسلامية.
13 - زندگانى حبيب بن مظاهر أسدى وفيه أحوال وتأريخ حبيب بن مظاهر منذ قيامه ضد الدولة الأموية ودعوته سيد الشهداء وتبليغه أوامر الإمامة وولاية الحسين عليه السلام وإسناده وجديته في أمر مسلم بن عقيل وقضاياه في كربلاء حتى استشهاده. حرره المرحوم بقلمه الجذاب.
14 - تاريخچه مجالس روضه خوانى وعزادارى سيد مظلومان عليه السلام كتب في هذه المجموعة فضيلة البكاء على سيد الشهداء عليه السلام، و إقامة المآتم في ذلك من قبل آدم وموسى وعيسى والخضر وزكريا ورسول الله صلى الله عليه وآله والإمام الصادق عليه السلام. وأورد فيهما أيضا خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام، وكان له بها علاقة خاصة. وذكر فيها أيضا مجالس العزاء التي ستقام في أيام الرجعة.
15 - قرآن وعترت در اسلام وهو كتاب آخر ألفه على منوال " إثبات ولايت " الآتي وبحث فيه مسألة القرآن والعترة اللذين لا ينفكان أبدا، وأن مفسري القرآن الحقيقيين هم أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، وذكر فيه تعظيم الله عز وجل لهم.
16 - إثبات ولايت بحث في هذا الكتاب التي ما يتعلق بأئمة الهدى عليهم السلام وأجاب فيه على PageV0MP016
توهمات البعض بشأن علم الغيب والقدرة الربانية التي منحها الله لهم جوابا كاملا مستدلا فيه بالآيات والروايات. وذكر أيضا فيه معاجز كثيرة يصلح كل منها كدليل قاطع على هذا الأمر.
آثاره الخطية 1 - مستطرفات المعالي وهو كتاب في علم الرجال، رتب فيه رجال الكشي مع إضافات كثيرة تخلو منها الكتب الرجالية المفصلة.
2 - روضات النظرات وهو كتاب في الفقه الاستدلالي واستنباط الأحكام الشرعية من الآيات و الروايات المباركة، وهو في حدود عشرة أجزاء ويحتوى على أبواب العبادات:
الصلاة والصوم والحج و... وأكثر المعاملات: البيع والحوالة واللقطة والصيد والذباحة والميراث والوصية والنذر والحلف والحدود وأحكام الأراضي و...
3 - مجموعة نفيسة في الطب 4 - معرفة الأشياء (الطب النباتي) 5 - دورة كاملة في المعارف الإلهية 6 - حواش على بعض الكتب مثل:
- حاشية على تفسير البرهان (استدراك للأحاديث التي فاتت عن المرحوم السيد هاشم البحراني).
- حاشية على رجال المامقاني - حاشية على رجال آية الله العظمى الخوئي قدس سره حاشية على رجال الشيخ الطوسي وتصحيحه - حاشية على كتاب الجواهر في الفقه تأليف المرحوم الشيخ محمد حسن النجفي رحمه الله - حاشية على كتاب الحدائق الناضرة تأليف المرحوم الشيخ يوسف البحراني رحمه الله - حاشية على كتاب وقائع الشهور PageV0MP017
حاشية على كتاب بحار الأنوار (كمباني) - حاشية على الرسالة الشريفة " الرجبية " للمحدث البيرجندي صاحب " كبريت احمر ". وحواش أخرى.
وفاته فارقت نفس الوالد الزكية هذه الحياة ليلة الاثنين من شهر ذي الحجة سنة 1405 ه. ق. الموافق للثامن والعشرين من شهر مرداد سنة 1364 ه. ش. ودفن جثمانه المطهر في الصحن الرضوي الشريف في حجرة من حجراته.
ومن جليل شأنه أن كان له بعد موته إشراف كامل إشراف كامل على أعماله العلمية و على أولاده وأحبته. ودليل ذلك الرؤيا الصادقة الكثيرة بهذا الخصوص. ومنها ما وقع لنفسي وشرحه: إنه إتصل بي تلفونيا أخي الحاج محمد النمازي - الذي كان يعمل مع حجة الاسلام الحاج الشيخ محمود أكبر زاده في مشهد لإعداد هذا الكتاب للطبع - فقال: إن هناك بعض الرجال في مستدرك سفينة البحار لم يذكروا في المستدركات فهل ننقلها أم لا؟ وإذا نقلناها، فهل نضعها ضمن متن الكتاب أم في الهامش؟
فأجبته قائلا: انقلوها ووضعوها في المتن لأنها تعود إليه أيضا.
وفى ليلة ذلك اليوم الذي تم فيه الاتصال، رأى أخي المتقدم والدنا المرحوم في المنام فقال له: بنى إن ما أجابك أخوك تلفونيا أن تضعوها في المتن صحيح. و كنت أنا أريد أن أفعل ذلك إلا أني غفلت عنه.
وأمثال هذه الرؤيا الصادقة كثيرة عن الوالد الفقيه آية الله النمازي أعلى الله مقامه وحشره مع مواليه المعصومين وجعلنا لآثارهم من المقتصين وبهداهم من المهتدين. والحمد لله رب العالمين.
حسن النمازي 15 شهر رمضان المبارك 1414 - تهران PageV0MP018
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين كما هو أهله، ولا إله غيره، وأفضل الصلوات والتحيات على سلطان العالمين، محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين، حجج الله تعالى على الخلائق أجمعين.
والرحمة والرضوان على رواة أحاديثهم المرضيين، القرى الظاهرة المباركة الذين هم وسائط بين القرى التي بارك الله فيها وجعلها الله مخازن علمه وتراجمة وحيه، وبين شيعتهم وتابعيهم وأيتامهم، واللعنة على أعدائهم أجمعين، من الآن إلى قيام يوم الدين.
وبعد: يقول أقل خدام أهل العلم علي بن محمد بن إسماعيل النمازي الشاهرودي رحمهم الله وعفى عنهم في الدنيا والآخرة:
إني لما وفقني الله تعالى لتأليف كتاب في علم الرجال المسمى ب (مستطرفات المعالي) وقد ذكرت فيه - بتوفيق الله تعالى - ما لم يذكر في غيره، واستقصيت المطالب الفاخرة الراجعة إلى علم الرجال في كتابنا (مستدرك سفينة البحار) أشار إلى جمع من علمائنا الكرام وفقهائنا العظام أن أفردها وأجعلها كتابا مستقلا في علم الرجال، فامتثلت أمرهم وأفردتها في كتاب وسميته (مستدركات علم الرجال) وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وأرجو من الله أن يجعله ذخيرة لي ليوم المعاد.
पृष्ठ 5
واعلم أن وضع كتابي هذا لشرح أحوال الرواة، ولبيان المطالب الراجعة إلى تلك التي لم يظفر بها علماء الرجال في كتبهم الشريفة، مثل:
كتاب تنقيح المقال، للعلم العلامة الفهامة المامقاني (قده).
وكتاب جامع الرواة للعلامة الأردبيلي، وغيرهما، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وألحقنا الله بهم مع محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وكتاب معجم رجال الحديث لسماحة العلامة السيد أبو القاسم الخوئي دام ظله.
فلا أذكر من الرجال إلا من لم يذكروه، ومن لنا مزيد بيان في حقه وإلا الثقات المشهورين كي لا يخلو كتابي من ذكرهم.
فقد جمعت - بحمد الله تعالى - فيه أسامي آلاف من رواة أحاديث الشيعة، من رجال المشايخ الثلاثة في الكتب الأربعة المشهورة، وغيرهم في غيرها، فذكروا 200 رجل يسمى بإبراهيم وذكرت 527 منهم، 286 لم يذكروهم، وذكروا 319 رجلا مسمى بأحمد وذكرت 1271، منهم 840 لم يذكروهم، وذكروا 1350 محمدا وذكرت 2565، منهم 1370 لم يذكروهم، وذكروا 356 حسنا وذكرت 817، منهم 426 لم يذكروهم، وذكروا 308 حسينا وذكرت 673، منهم 334 لم يذكروهم. وهكذا في سائر الأسماء (1).
ولا أذكر ممن ذكروه إلا من لنا مزيد بيان في حقه من رفع الجهالة، أو الضعف عنه، أو جعله ممن روى عنهم (عليهم السلام)، أو إدراكه وصحبته لإمام أزيد مما تعرضوا له، أو باعتبار الراوي والمروى عنه، كل ذلك مع تعيين المدرك والدليل، فراجع.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن هذا الكتاب يتضمن مقدمة وأبوابا وخاتمة:
पृष्ठ 6
أما المقدمة فالكلام فيها في فصول ثمانية وخاتمة:
الفصل الأول: في تعريف هذا العلم: وهو علم يبحث فيه عن أحوال الراوي من حيث إتصاف خبره بشرائط الحجية وعدمه.
الفصل الثاني: في موضوعه: وهو رواة الحديث الذين وقعوا في سند الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم.
الفصل الثالث: في بيان فائدة علم الرجال واحتياج الفقيه إليه:
فالمشهور - وهو المؤيد المنصور - أنه مما يتوقف عليه الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية، وتعلم المعارف القرآنية والعلوم الإلهية.
ولنا على ذلك أمور:
الأمر الأول:
إن حجية الخبر وقاطعيته للعذر متوقفة على الوثوق به، ولا يحصل الوثوق إلا بالمراجعة إلى أحوال الراوي، أو متن الرواية، مثل رواية توحيد المفضل، وزيارة الجامعة الكبيرة، وأمثالهما، فإن متن الرواية يوجب الوثوق بصدوره عن المعصوم (عليه السلام).
ويشهد على صحة الوثوق بالرواية لمتنها ما في تفسير العياشي عن الحسن بن جهم، عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسمهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا، فإن أشبههما فهو حق، وإن لم يشبههما فهو باطل. ورواه الطبرسي عنه ، عن الرضا (عليه السلام) نحوه.
وقول الكاظم (عليه السلام) في الأحاديث المختلفة، على ما في آخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال: ما علمتم أنه قولنا فالزموه، وما لم تعلموه فردوه إلينا.
وطريق العلم قد يكون من السند، أو من المتن، كما هو واضح.
पृष्ठ 7
وقد سبقنا على الاستشهاد بمتن الرواية على حسن راويها جمع من علماء الفن.
منهم العلامة المولى الوحيد البهبهاني في تعليقته كثيرا، على ما نقله العلامة المامقاني، كما في ترجمة الحسين بن علوان، والنعمان المصري، وعبد العزيز بن مسلم.
وقال في ترجمة الحسين بن خالد الصيرفي: دلالة رواياته على جلالته وكونه من العلماء المحيطين بالأخبار وأحكام الشريعة، وكونه محل عناية الأئمة (عليهم السلام) مما لا يخفى على من راجعها.
ومنهم العلامة المامقاني في موارد كثيرة، منها في ترجمة موسى بن عبد الله راوي زيارة الجامعة الكبيرة قال: وفى روايته لها دلالة واضحة على كونه إماميا صحيح الاعتقاد، بل في تلقين مولانا الهادي (عليه السلام) مثل هذه الزيارة المفصلة المتضمنة لبيان مراتب الأئمة (عليهم السلام)، شهادة على كون الرجل من أهل العلم والفضل، فالرجل من الحسان، مقبول الرواية، وإهمالهم ذكره في كتب الرجال غير قادح فيه، والعلم عند الله تعالى. تنقيح المقال: ج 3 ص 257.
ومنها في ترجمة مهزم بن أبي بردة فراجع إليه، وكذا في ترجمة هاشم صاحب البريد.
ومنهم العلامة المجلسي (ره) في البحار قبل نقله توحيد المفضل، ورسالة الإهليلجة، قال: لا يضر إرسالهما لاشتهار انتسابهما إلى المفضل وقد شهد بذلك السيد ابن طاووس وغيره، ولا ضعف محمد بن سنان والمفضل لأنه في محل المنع، بل يظهر من الأخبار الكثيرة علو قدرهما وجلالتهما، مع أن متن الخبرين شاهد صدق على صحتهما... الخ. ج 3 ص 55، وكمبا ج 2 ص 18.
وفى الأربعين ح 30 بعد نقله: فالخبر ضعيف على المشهور، لكن علو مضامينه يشهد بصحته.
पृष्ठ 8
ويشهد على ما قلنا وصحة ما قالوا، ما رواه الثقة الجليل الكشي في أول كتاب رجاله عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال:
اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا.
وعن علي بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اعرفوا منازل الناس منا على قدر رواياتهم عنا. وفهمهم منا.
وفى البحار جد ج 2 ص 148 عن غيبة النعماني، قال جعفر بن محمد (عليه السلام): اعرفوا منازل شيعتنا على قدر روايتهم عنا وفهمهم منا.
وروى الصدوق في أول معاني الأخبار عن بريد الرزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا بني، اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إني نظرت في كتاب لعلى (عليه السلام) فوجدت في الكتاب: إن قيمة كل امرئ وقدره معرفته... الخبر.
وبالجملة المدار على الوثوق بالخبر، فالخبر الموثوق به يكون حجة وقاطعا للعذر لا غيره، فإذا سئل العبد: لم فعلت ذلك ولم تركت؟ فإن كان مقلدا فالجواب أنه قول المفتى الذي ثبت له حجيته بالبينة الشرعية، وإن كان مجتهدا فلا بد بأن يأتي لقوله بحجة شرعية تقطع عذره وتخرجه عن الحجة المسؤولية، والحجة الشرعية خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والكتاب والعترة الهادية المهدية في الخبر المتواتر بين العامة والخاصة.
فالمرجع في الكل الكتاب والعترة، وليس لنا حجة غيرهما.
وأما حجية الاجماع فمن حيث كاشفيته عن رأي المعصوم (عليه السلام).
والعقل حجة الله الباطنة في المستقلات العقلية للعقلاء بارشاد الرسول والأئمة صلوات الله عليهم. فطريق كشف مراد الكتاب والعترة في غير الأحكام
पृष्ठ 9
الواضحة المجمع عليها، وغير المستقلات العقلية، منحصر بأخبار الثقة أو البينة الشرعية في معالم الدين والواجبات والمحرمات، وأما المستحبات والمكروهات فيتساوى في دليلهما لأخبار (من بلغ) المستفيضة المعتمدة المتلقاة بالقبول عند الأصحاب رضي الله عنهم أجمعين.
فلزوم حصول الأمن في الطريق الموصل إلى الأمور الأخروية الموجبة للسعادة الأبدية والشقاوة السرمدية، ليس بأقل من لزوم حصول الأمن في الطريق الموصل إلى الأمور الدنيوية الزائلة، بل يكون في طريق أمور الآخرة أهم بدرجات غير محصورة، ولا يحصل الأمن في طريق الأمور الدنيوية للعقلاء إلا بإخبار الحجة الثابتة لدى العقلاء من إخبار الثقة، أو الطريق العقلائي كالاستصحاب.
وحيث يريد الله تعالى بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل في الدين من حرج، ولا غلظ على مسلم في شئ، لم يضيق في لزوم تحصيل الأمن في الطريقة العقلائية في أمور دنياهم أمضاه في طريق الأمور الشرعية، فسهل على عباده حيث أمضى حجية خبر الثقة وجعله طريقا لكشف أحكامه ومعالم دينه، فله الحمد كما هو أهله.
ومن الواضح أنه لا تحصل الوثاقة لرجل إلا بإخبار الثقة وشهادته على ذلك، وهذه من فوائد علم الرجال.
وواضح عدم حجية أخبار من لا يوثق به عند الشرع والعقلاء، فالآخذ بالخبر من دون تعلم أحوال رجاله مقصر في الاجتهاد، وهو غير جائز، فتبين الاحتياج إلى علم الرجال.
وواضح أيضا أنه لا يجوز نسبة حكم أو موضوع ديني إلى الله تعالى ما لم يثبت بدليل شرعي، وحسبك في ذلك قوله تعالى: (أألله أذن لكم أم على الله تفترون) (10 / 59). دلت الآية المباركة على أن كل ما لم يثبت فيه إذن
पृष्ठ 10
من الله تعالى فنسبته إليه افتراء عليه سبحانه.
وقال تعالى: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه) (7 / 169) دلت الآية الكريمة أنه أخذ الميثاق من العباد أن لا يقولوا على الله إلا الحق، ولا حق إلا ما أخذ عن الله وعن رسوله وسفرائه المعصومين صلوات الله عليهم. وحيث أن الظن لا يغني من الحق شيئا، فيكون طريق الأخذ عنهم أخبار من يوثق به، حتى يؤمن معه من الكذب، ويطمئن به القلب، وصريح الروايات الكثيرة إرجاع أئمة الهدى (عليهم السلام) في أخذ معالم الدين إلى الثقات. وفى التوقيع الشريف: ليس لأحد من موالينا التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا. وطريق كشف الثقة من غيره، علم الرجال.
وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) (17 / 36). يعنى السمع مسؤول عما يسمع، والبصر مسؤول عما يبصر، والفؤاد عما يعتقد، ولا يجوز لاحد اتباع الظن، ويجب تحصيل العلم وطريق تحصيله العلم بأخبار الثقات، وربما يكون خبر الواحد أو الاثنين من هؤلاء مفيدا للعلم، كما قد يكون خبر الثلاثة والأربعة متواترا مفيدا للعلم، فضلا عما زاد على ذلك العدد، وهذا أمر وجداني يجزم به العاقل في أخبار الدنيا والدين إذا أخلى ذهنه عن شبهة وتقليد. ولا نقول إن ذلك كلى فلا يرد علينا الإشكال.
والمتحصل أن استنباط الأحكام الشرعية، والمعالم الدينية في الغالب لا يكون إلا من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم، والاستدلال بها على ثبوت أمر شرعي يتوقف على أمرين:
الأول: حجية خبر الثقة، ولا ريب في ثبوتها في الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وأمضاها الشارع في صريح الروايات، كما حرر في الأصول.
الثاني: حجية الروايات، وهي أيضا ثابتة عقلا وممضاة شرعا.
पृष्ठ 11
ومن الظاهر أن تشخيص ذلك يتوقف على علم الرجال.
الامر الثاني:
إنه لا ريب أن كل خبر - من حيث هو - يحتمل الصدق والكذب، فتقديم أحد الإحتمالين يحتاج إلى مرجح، لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح، الذي اتفق العقلاء على قبحه وبطلانه. والمرجح هو الوثوق بصدور الخبر عن الرسول وآله صلوات الله عليهم، ولا يحصل إلا بالعلم بأحوال الرواة الواقعة في سند الحديث، أو بالنظر إلى متن الحديث من حيث كونه متواترا لفظا أو معنى، أو موافقا لظاهر الكتاب العزيز، أو لما يجد صحته بحكم العقل والفطرة العقلائية.
الأمر الثالث:
الأخبار المستفيضة الواردة في مقام علاج تعارض الأخبار الآمرة بالرجوع إلى الأعدل والأورع والأفقه، فإن إحراز هذه الصفات في رجال الإسناد موقوف على علم الرجال لفقد معاشرتنا معهم. فانحصر في المراجعة إلى الكتب المعتبرة المكتوبة في علم الرجال.
ويمكن تقرير هذا الأمر بطريق عقلي، وهو أنا نعلم يقينا أن الأخبار متعارضة، ونعلم إجمالا بوجود المرجح لأحد المتعارضين منها في الواقع، فمع التمكن من تحصيل المعرفة بالمرجح بالرجوع إلى علم الرجال يكون الأخذ بأحدهما من دون الرجوع إليه باطلا لقبح الترجيح بلا مرجح، فلتحصيل المرجح يلزم الرجوع إلى علم الرجال، وهو المطلوب.
ومن المرجحات المشار إليها في الروايات المستدلة بها على الاحتياج إلى علم الرجال قوله (عليه السلام) في مقبولة عمر بن حنظلة المشهورة: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما... الخبر.
وقول الصادق (عليه السلام) في رواية داود بن الحصين، المروية في الفقيه: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه... الخ.
पृष्ठ 12
وقوله عليه السلام في رواية موسى بن أكيل، المروية في (يب) في كتاب القضاء: ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضى حكمه.
وقول الرضا (عليه السلام) في رواية العيون، الواردة في علاج الأخبار المختلفة، بعد الحكم بترجيح أحد الخبرين بموافقة الكتاب العزيز ومخالفة العامة.
إذا كان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما، أوبهما جميعا، أو بأيهما شئت وأحببت، موسع ذلك... الخبر.
وقول الصادق (عليه السلام) لحرث بن المغيرة، في الرواية المروية في الوسائل والبحار عن الإحتجاج للطبرسي: إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة، فموسع عليك حتى ترى القائم (عليه السلام) فترده إليه.
ولعله لذلك قال الحسن بن جهم للرضا (عليه السلام): يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين، فلا نعلم أيهما الحق، فقال: إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت. وواضح أن إحراز الأعدلية والأفقهية والأصدقية والأورعية والصحة والوثاقة - المذكورات في الروايات - موقوف على العلم بأحوال الرواة فتدبر. تمام الروايات في جد 2 ص 220 - 224، وكمبا ج 1 ص 134 - 139.
وقد ذكروا لبيان الاحتياج إلى علم الرجال وجوها أخر لا نحتاج إلى ذكرها، لأن فيما ذكرنا غنى وكفاية.
فمما ذكرنا ظهر وجه ضعف قول الحشوية القائلين بحجية كل خبر، فإنه مضافا إلى ما عرفت مخالف لقوله تعالى: (ويؤمن للمؤمنين) (9 / 61) الدال على لزوم تصديق المؤمنين لا غيرهم، وقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الآية (49 / 6) فإن كان المؤمن مخبرا عادلا يؤخذ بقوله، وإلا لا يؤخذ به، على التفصيل المذكور.
وكذا ظهر ضعف قول غيرهم وحججهم واهية مردودة بما تقدم،
पृष्ठ 13
مذكورة مفصلا في الكتب المفصلة، فمن أرادها فليراجع إليها.
الفصل الرابع: في بيان مواليد الرسول والأئمة صلوات الله عليهم ووفياتهم وأسمائهم وألقابهم وكناهم.
فنقول: أما الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) فاسمه: محمد وأحمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وكنيته: أبو القاسم، ولقبه:
المصطفى، ولد بمكة في عام الفيل سنة 6163 من هبوط آدم - على ما في الناسخ - في شهر ربيع الأول.
وعن الواقدي أنه (صلى الله عليه وآله) ولد في سنة 9900 وأربعة أشهر وسبعة أيام من وفاة آدم، وقيل غير ذلك. وبالجملة مات أبوه في المدينة وهو (صلى الله عليه وآله) ابن شهرين. وماتت أمه آمنة بنت وهب وله أربع سنين أو سنتين، ومات جده عبد المطلب وله نحو من ثمان سنين.
وتزوج خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، ولبث معها أربعا وعشرين سنة وأشهرا. وولد له منها قبل المبعث: القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم، وبعد المبعث: الطاهر - وهو عبد الله - وفاطمة الزهراء (عليها السلام).
وإبراهيم من مارية القبطية.
وبعث في 27 رجب وهو ابن أربعين. ومكث في مكة ثلاث عشرة سنة بعد البعثة، ثم هاجر إلى المدينة. وتوفى بالمدينة في صفر وله ثلاث وستون سنة في سنة عشر من الهجرة.
وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. وهو أول هاشمي من هاشميين ولد في 13 رجب في بيت الله الحرام، بعد ثلاثين سنة من ولادة الرسول (صلى الله عليه وآله). وتوفى (عليه السلام) في 21 رمضان سنة أربعين من الهجرة.
وأما الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام) فقد ولدت بمكة بعد النبوة بخمس سنين، في العشرين من جمادى الآخرة، ولها عند الهجرة
पृष्ठ 14
ثمان سنين، وتزوج بها أمير المؤمنين (عليه السلام) في السنة الثانية بعد الهجرة في ذي الحجة، وتوفيت (عليها السلام) في السنة الحادية عشرة منها.
وأما الحسن المجتبى (عليه السلام) فقد ولد في المدينة في منتصف شهر رمضان السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة، وتوفي (عليه السلام) في صفر سنة 49 من الهجرة.
وأما أبو عبد الله (عليه السلام) فقد ولد بالمدينة في السنة الثالثة أو الرابعة، ومضى صلوات الله عليه في 10 محرم سنة 60 - 61. وأما أبو محمد زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين (عليه السلام) فقد ولد بالمدينة في سنة 36 - 37 - 38 من الهجرة، وأمه شهربانو شاه زنان بنت يزد جرد، ومضى (عليه السلام) في محرم سنة 94 - 95 ه.
وأما أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) فأمه فاطمة بنت الحسن المجتبى (عليه السلام)، وهو أول فاطمي من فاطميين، ولد سنة 57، وقبض سلام الله عليه في 114 ه - وله 57 سنة.
وأما أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فأمه أم فروة فاطمة ابنة القاسم بن محمد بن أبي بكر، ولد بالمدينة في 17 ربيع الأول سنة 83 - وقيل 80، وقبض مسموما في شوال سنة 148 - وله 65 - 67 سنة.
وأما أبو إبراهيم العبد الصالح أبو الحسن الأول موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، فأمه حميدة البربرية المصفاة، ولد بالأبواء بين مكة والمدينة في سنة 128 - 129، وقبض مسموما في رجب سنة 183 - 186 - 189 - من الهجرة.
وأما الإمام أبو الحسن الثاني علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقد
पृष्ठ 15
ولد بالمدينة في 11 من ذي القعدة سنة 148 ه -، وقبض مسموما في صفر سنة 203 - 201 - 202 - 206.
وأما الإمام أبو جعفر الثاني محمد بن علي الجواد (عليه السلام) فقد ولد بالمدينة سنة 195، وقبض مسموما في ذي القعدة أو ذي الحجة سنة 220.
وأما الإمام أبو الحسن الثالث علي بن محمد الهادي (عليه السلام) فقد ولد سنة 212 - 214 في رجب أو ذي الحجة، وقبض (عليه السلام) مسموما سنة 254.
وأما الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) فقد ولد في المدينة سنة 230 - 231 - 232 - وقبض مسموما في ربيع الأول سنة 260 ه -.
وأما الإمام المنتظر الحجة بن الحسن (عليه السلام) فقد ولد في شعبان سنة 255، وعمره الشريف عند فوت أبيه خمس سنين. وله غيبتان:
من يوم وفاة أبيه من ربيع الأول سنة 260 - وآخرها سنة 328 - 329 ه -، وبعدها وقعت الغيبة الكبرى، وكان الثقة الجليل عثمان بن سعيد وكيلا لمولانا أبى محمد العسكري (عليه السلام) ثم توكل لمولانا الحجة المنتظر (عليه السلام)، وكان قبلهما خدم الإمام الهادي (عليه السلام) وله إحدى عشرة سنة، وكان نائب الحجة المنتظر (عليه السلام)، ثم بعده ابنه محمد بن عثمان الثقة الجليل السفير الثاني للحجة (عليه السلام) وتوفي في آخر جمادى الأولى سنة 305 - 304، ثم قام بعده بالسفارة بأمر الإمام (عليه السلام) الثقة الجليل الحسين بن روح، وتوفي سنة 326، فلما انقضت أيامه وقعت الغيبة الكبرى والمصيبة العظمى. اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه، واجعلنا من أنصاره وأعوانه وتابعيه وشيعته، بحقه وبحق آبائه الطيبين الطاهرين.
الفصل الخامس: في أصحاب الاجماع.
पृष्ठ 16
قال الكشي في رجاله ص 155: تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام)، اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) وأصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأولين ستة: زرارة، ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي.
قالوا: وأفقه الستة زرارة.
وقال بعضهم: مكان أبو بصير الأسدي، أبو بصير المرادي وهو ليث بن البختري. وقال في ص 239: أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون، وأقروا لهم بالفقه، وهم ستة: جميل بن دراج، و عبد الله بن مسكان، و عبد الله بن بكير، وحماد بن عثمان، وحماد بن عيسى، وأبان بن عثمان.
قالوا: وزعم أبو إسحاق الفقيه، وهو ثعلبة بن ميمون، أن أفقه هؤلاء جميل بن دراج. وهم أحداث أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام).
وفي ص 344: الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم وأقروا لهم بالفقه والعلم، هم ستة نفر أخر، دون الستة الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) منهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمد بن أبي عمير، و عبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي نصر.
وقال بعضهم: مكان الحسن بن محبوب، الحسن بن علي بن فضال وفضالة بن أيوب.
وقال بعضهم: مكان فضالة بن أيوب، عثمان بن عيسى.
وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى، انتهى.
पृष्ठ 17
أقول: عن السيد بحر العلوم (قده) في منظومته: الاجماع على تصحيح ما يصح عن المذكورين.
وعن فوائده في ترجمة ابن أبي عمير حكى دعوى الاجماع عن الكشي واعتمد على حكايته، فحكم بصحته أصل زيد النرسي لأن راويه ابن أبي عمير، انتهى.
ونسب هذا التصحيح إلى الأصحاب في كلمات جماعة: منهم الشيخ الحر في آخر الوسائل في الفائدة السابعة. الوسائل: ج 20 ص 79، بعد نقل أصحاب الاجماع والإشارة إلى الروايات المادحة في حقهم: فعلم من هذه الأحاديث دخول المعصوم بل المعصومين (عليهم السلام في هذا الاجماع الشريف المنقول بخبر هذا الثقة الجليل وغيره. وقد ذكر نحو ذلك - بل ما هو أبلغ منه - الشيخ في كتاب العدة وجماعة من المتقدمين والمتأخرين، وذكروا أنهم أجمعوا على العمل بمراسيل هؤلاء الأجلاء وأمثالهم، كما أجمعوا على العمل بمسانيدهم... الخ.
ومنهم المحقق الكاشاني في أوائل الوافي المقدمة الثانية: وقد فهم جماعة من المتأخرين من قوله: أجمعت العصابة أو الأصحاب على تصحيح ما يصح عن هؤلاء، الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم، ونسبته إلى أهل البيت (عليهم السلام) بمجرد صحته عنهم، من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه... الخ. الوافي: ج 1 ص 12.
ولقد أصابوا في ذلك، فإن مقتضى تصحيحهم ما يصح من هؤلاء وتصديقهم إياهم في نقلهم، وفي ما يقولون، تصديق مروياتهم، كما هو واضح.
وعن الشيخ في أواخر بحثه عن خبر الواحد في كتاب العدة قال: وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا، انظر في حال المرسل، فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره، ولأجل
पृष्ठ 18
ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم، انتهى.
وقال النجاشي في ترجمة محمد بن أبي عمير ص 229 بعد توصيفه وتجليله وتعظيمه: فلهذا: فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله، انتهى.
والشيخ في يب ج 1 في باب المياه ص 414 بعد نقله مرسلة ابن أبي عمير في العجين النجس أنه يدفن ولا يباع قال: وبهذا الخبر نأخذ دون الأول، انتهى.
ولا يرد الإشكال على قولهم أنهم لا يروون إلا عن ثقة، نقل بعض رواياتهم عن الضعفاء، لأن الرواية عن الضعيف في حد نفسه من حيث هو عمل بها الأصحاب من الفقهاء والمحدثين من القدماء والمتأخرين، فإن كتب الحديث وكتب الفقه مملوءة من رواية الضعفاء.
قال العلامة الخوئي في رجاله ص 82: وأما الرواية عن ضعيف أو ضعيفين أو أكثر في موارد خاصة، فهذا لا يكون قدحا، ولا يوجد في الرواة من لم يرو عن ضعيف أو مجهول أو مهمل إلا نادرا، انتهى.
ولكنهم - قدس سرهم - مختلفون في العمل برواية الضعفاء، فإن كانت الرواية الضعيفة مطابقة للاحتياط، وعمل بها المشهور، ونقلت الاجماعات على العمل بمضمونها، عملوا بها، وقالوا: الضعف منجبر بعمل الأصحاب، وقد يستندون إلى الضعفاء في إثبات أعمال السنن والآداب، لأنهم يتسامحون في أدلة السنن والأخبار (من بلغ) وإن كانت راجعة إلى الفطريات والأخلاقيات فهي تذكرة إلى ما يجده العاقل من العقل والفطرة، وإن كانت راجعة إلى أصول الدين، فواضح أنه لا تؤخذ العقائد إلا من الكتاب والسنة المفيدة للعلم، الثقلين خليفتي رسول الله (ص) في أمته.
وأيضا لو كان المحدث يترك كلما يزعمه ضعيفا لانجر إلى ضياع كثير من الأخبار، فإنه يفهم أنه ربما يكون حديثا ضعيفا عند رجل، قويا عند آخر،
पृष्ठ 19
ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
وأيضا قولهم: لا يروون إلا عن ثقة، مرادهم كونهم ثقة عنده وباعتقاده، لا الثقة في الواقع ونفس الأمر وعند الكل. كما يقولون في مدح زيد مثلا: لا يأتم إلا بالعادل، ولا يتصرف إلا في الحلال، يعني العادل باعتقاده وكذا الحلال في نظره، لا العادل الواقعي ولا الحلال الحقيقي. ولا يقولون بعصمتهم وأنهم لا يخطئون، فلا ينافي الوثاقة لرجل عند رجل مع ثبوت ضعف له عند آخر.
فلو ثبت ضعف لبعض من يروى عنه هؤلاء الأجلاء عند بعض المتأخرين، فلا يكون نقضا لما ذكروه، لأن تضعيفات المتأخرين مبتنية على مبانيهم فيما إذا كانت مرسلة هؤلاء الأجلة أو غيرهم خلاف المشهور، وخلاف الاجماعات المنقولة، أو رواياتهم عن رجل ضعفوه، ككونه ممن روى مدح المفضل وجابر الجعفي وأضرابهما، فمن ضعفهما ضعف من مدحهما ومن نقل مدحهما.
فنذكر لك أنموذجا لما قلناه: منها رواية عبد الله بن المغيرة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في يب ج 1 في في باب المياه ص 415 قال: إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ والقلتان جرتان. فرده الشيخ بأنه خبر مرسل واحتمل فيه التقية، أو كان هذا المقدار مطابقا لمقدار الكر، وسر هذا الرد كون مضمون الرواية خلاف المشهور، بل خلاف الاجماع المركب.
ومنها نقل صفوان بن يحيى ومحمد بن أبي عمير كتاب علي بن أبي حمزة البطائني، ولا وجه لتضعيفهما لذلك، فإنه من الممكن أنهما يثقان بما نقله حال سلامته واستقامته من مولانا الكاظم (عليه السلام) الذي يعتقد إمامته، كما تكون رواياته التي نقلها من مولانا الكاظم (عليه السلام) حال استقامته مقبولة معمولا بها عند الأصحاب، نعم رواياته التي هي راجعة إلى مذهبه الباطل هو ملعون فيها كذاب.
पृष्ठ 20
وأما رواياتهم عن يونس بن ظبيان فهي صحيحة، لأنه روينا - في الصحيح - عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن يونس بن ظبيان، فقال: رحمه الله، وبنى له بيتا في الجنة، كان والله مأمونا على الحديث. وتضعيف يونس ومستنده ضعيف في غاية الضعف، كما بيناه مفصلا في كتاب مستدرك سفينة البحار ط - 1 ج 1 ص 144 وسيأتي إن شاء الله في محله.
وأما رواية صفوان بن يحيى، عن أبي جميلة مفضل بن صالح، فلا وجه لتضعيفه لذلك، فإن الشيخ ذكره ولم يقدح فيه، والنجاشي لم يقل أنه ضعيف، نسب ضعفه إلى قائل مجهول، ولعل نظره إلى تضعيف ابن الغضائري، ولا اعتبار به، ولقد أجاد فيما أفاد مولانا المحقق الوحيد في إصلاح حاله وتوثيقه، وذكرنا في المستدركات وجه نسبة القدماء إليه الغلو، وبينا صلاحه وكماله.
وأما رواية صفوان، عن عبد الله بن خداش الكافي ج 7 كتاب ميراث الولد ص 87 أنه سأل أبا الحسن (عليه السلام)، عن رجل مات وترك ابنته وأخاه، قال: المال للابنة، فإن عبد الله هذا ثقة، كما نقله الكشي ص 280، وطبع جديد في المشهد ص 447. عن العياشي، عن عبد الله بن محمد بن خالد، وروى رواية أخرى في مدحه وضعفه النجاشي، فهو مختلف فيه، فلا وجه للخدشة فيه لنقله عن هذا، فإنه أولا ليس بضعيف، وثانيا إن صفوان الفقيه يعرف صحة مضمون هذه الرواية من الكتاب والسنة فوثق به بذلك فنقله.
وأما رواية ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد المنقرى، عن الكاظم (عليه السلام) في فضل القرآن كما في الكافي ج 2 ص 623 فلا يضر بحاله، فإن تضعيف الحسين بن أحمد لرواياته التي رواها عنه ابن أبي عمير في مدح المفضل، وكذا رواياته عن يونس بن ظبيان في مدح المفضل وذم من ذمه، فمن ضعف المفضل ويونس بن ظبيان ضعفه.
पृष्ठ 21
وأما رواية ابن أبي عمير، عن علي بن حديد في يب ج 7 ص 276 فيمن أحل الله نكاحه، عن أحدهما (عليه السلام) في رجل كانت له جارية فوطئها، ثم اشترى أمها، أو ابنتها، قال: لا تحل له، فلا تضره، لأنه أولا: عمل بها الشيخ واحتج بها على حكمه بمضمونه وأن المملوكة والحرة في ذلك سواء، وعمل بها الأصحاب. وثانيا: ذكره الشيخ في رجاله ص 388 والنجاشي في كتاب الرجال ص 229 ولم يضعفاه. وأما ما نقل عن التهذيب فكلماته فيه مختلفة، فراجع جامع الرواة ج 1 ص 564 في ترجمة علي بن حديد، ذيل الورقة. ويظهر من رواية الكافي المذكورة في باب الصلاة خلف من لا يقتدى به ج 5 ص 374 مع روايات الكشي ط جديد ص 279 المذكورة في ذيل الورقة، حسن علي بن حديد،. أمر الإمام (عليه السلام) بأخذ قوله.
وأما رواية أحمد البزنطي عن المفضل بن صالح، فقد عرفت حاله وحسنه وصلاحه. وأما رواية أحمد البزنطي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، فليس فيه اسم البطائني، بل ظاهره بقرينة ذيله أنه غيره. ففي يب ج 8 باب التدبير ص 262 عن أحمد البزنطي، عنه، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: إن أبى هلك وترك جاريتين قد دبرهما وأنا ممن أشهد لهما، وعليه دين كثير، فما رأيك؟ فقال: رضي الله عن أبيك، ورفعه مع محمد (صلى الله عليه وآله)، قضاء دينه خير له إنشاء الله.
هذه الروايات هي التي ذكروها في الخدشة على كلام الشيخ في أن هؤلاء الثلاثة لا يروون إلا عن ثقة، وقد عرفت الخدشات في الخدشة وتمامية كلام الشيخ.
وأما ما ذكره العلامة المعاصر من روايات بقية أصحاب الاجماع عن الضعفاء: منها رواية أبى بصير عن الحكم بن عتيبة، مع أن الحكم من فقهاء العامة، ووردت روايات في ذمه.
أقول: الموضع الذي أشار إليه في الكافي، كتاب الحجة، باب أنه
पृष्ठ 22
ليس شئ من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة (عليهم السلام) ح 4 هكذا، عن أبي بصير قال: قال لي: إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) فليشرق الحكم وليغرب... الخ. الكافي ج 1 ص 399. وهذا - كما ترى - نقل أبي بصير مضمرة عن الإمام ذم الحكم، وهذا اشتباه عظيم منه دام ظله.
ومنها رواية زرارة عن سالم بن أبي حفصة، ومع ضعفه فهي رواية في أن الله يقبض الصدقات ويربيها، فوجدها زرارة الفقيه موافقا للقرآن والروايات فوثق بها فنقلها. الكافي باب نوادر كتاب الزكاة ج 4 ص 47.
وروى حماد بن عيسى عن عمرو بن شمر، عن جابر، حديث وصية أمير المؤمنين إلى الحسن والحسين، وتنصيصه على الأئمة، وأنه يدفع إليهم الكتب والسلاح وآثار النبوة. الكافي ج 1 باب النص على الحسن بن علي (عليه السلام) ص 298.
وروى يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شمر، عن جابر، حديث البر بالوالدين. الكافي ج 2 هذا الباب ص 163.
وروى ابن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، حديث فضل الرفق. الكافي ج 2 باب الرفق ص 119.
وروى عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن شمر، حديث أهل الثرثار في استنجائهم بالخبز ونزول البلاء عليهم. الكافي كتاب الأطعمة باب فضل الخبز ج 6 ص 301.
فهل يصح الإشكال علي هؤلاء الأجلة في روايتهم عن عمرو بن شمر، تلك الروايات الشريفة، وتضعيف عمرو بن شمر، كتضعيف أستاذه جابر؟
ولقد أجاد الوحيد فيما أورد من إصلاحه وتوثيقه وتحسينه.
ومنهم أحمد بن محمد بن عيسى. واستدلوا على أنه لا يروي إلا عن
पृष्ठ 23
ثقة، بأنه أخرج أحمد بن محمد بن خالد من قم لروايته عن الضعاف، فيظهر منه التزامه بعدم الرواية عن الضعاف.
وأما روايته عن محمد بن سنان فضل العلماء، فقد أثبتنا في محله عدم ضعف محمد بن سنان.
وأما روايته عن علي بن حديد، فقد تقدم الكلام في علي بن حديد.
وأما روايته عن إسماعيل بن سهل، فليس فيه وصف، وهو مشترك بين القوى والمستضعف، فراجع الكافي كتاب الإيمان باب الاعتراف بالذنوب ج 2 ص 427. وقد بينا في المستدركات تقوية إسماعيل بن سهل الكاتب.
وأما روايته عن بكر بن صالح (من دون وصف) ثواب حسن الخلق الكافي ص 101 هذا الباب فقد ذكرنا في المستدركات أن بكر بن صالح مشترك بين ثلاثة أو أربعة. وقع أحدهم في طريق ابن قولويه القمي في كامل الزيارات، والثاني مجهول، والثالث بكر بن صالح الرازي أثبتنا قوته وضعف من ضعفه.
ومنهم جعفر بن بشير، روى عن صالح بن الحكم المعدود من ضعفاء أصحاب الصادق (عليه السلام) فإنه روى الشيخ في يب ج 3 ص 296 عنه، عن صالح بن الحكم جواز الصلاة في السفينة، واحتج الشيخ للجواز به، فراجع.
وقال النجاشي ص 86 في ترجمة جعفر بن بشير: روى عن الثقات ورووا عنه، فكل من روى عنه جعفر بن بشير يحكم بوثاقته.
ومنهم محمد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني،، فإنه قال النجاشي ص 243 في ترجمته: ثقة عين، روى عن الثقات ورووا عنه... الخ.
ومنهم علي بن الحسن الطاطري، فإنه قال الشيخ في ست ص 118 في ترجمته: له كتب في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم،
पृष्ठ 24