الواضحة المجمع عليها، وغير المستقلات العقلية، منحصر بأخبار الثقة أو البينة الشرعية في معالم الدين والواجبات والمحرمات، وأما المستحبات والمكروهات فيتساوى في دليلهما لأخبار (من بلغ) المستفيضة المعتمدة المتلقاة بالقبول عند الأصحاب رضي الله عنهم أجمعين.
فلزوم حصول الأمن في الطريق الموصل إلى الأمور الأخروية الموجبة للسعادة الأبدية والشقاوة السرمدية، ليس بأقل من لزوم حصول الأمن في الطريق الموصل إلى الأمور الدنيوية الزائلة، بل يكون في طريق أمور الآخرة أهم بدرجات غير محصورة، ولا يحصل الأمن في طريق الأمور الدنيوية للعقلاء إلا بإخبار الحجة الثابتة لدى العقلاء من إخبار الثقة، أو الطريق العقلائي كالاستصحاب.
وحيث يريد الله تعالى بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل في الدين من حرج، ولا غلظ على مسلم في شئ، لم يضيق في لزوم تحصيل الأمن في الطريقة العقلائية في أمور دنياهم أمضاه في طريق الأمور الشرعية، فسهل على عباده حيث أمضى حجية خبر الثقة وجعله طريقا لكشف أحكامه ومعالم دينه، فله الحمد كما هو أهله.
ومن الواضح أنه لا تحصل الوثاقة لرجل إلا بإخبار الثقة وشهادته على ذلك، وهذه من فوائد علم الرجال.
وواضح عدم حجية أخبار من لا يوثق به عند الشرع والعقلاء، فالآخذ بالخبر من دون تعلم أحوال رجاله مقصر في الاجتهاد، وهو غير جائز، فتبين الاحتياج إلى علم الرجال.
وواضح أيضا أنه لا يجوز نسبة حكم أو موضوع ديني إلى الله تعالى ما لم يثبت بدليل شرعي، وحسبك في ذلك قوله تعالى: (أألله أذن لكم أم على الله تفترون) (10 / 59). دلت الآية المباركة على أن كل ما لم يثبت فيه إذن
पृष्ठ 10