मुश्किलात माका ग़ुरबा
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
शैलियों
بالمثل فإن الجماعات السياسية الراديكالية التي يتمكن أفرادها من بناء علاقات ألفة فيما بينهم ومع من ينتمون للجماعات المماثلة - وهو إنجاز نادر في تاريخ أحزاب اليسار - تتمتع بفرصة أكبر لتحقيق الفاعلية السياسية من تلك التي لا تفعل . لقد رأى أرسطو أنه لا يمكنك أن تصادق إلا من تعرف، واعتبر أن خداع الصديق أكثر استحقاقا للوم من خداع الغريب؛ فعدم مساعدة الأخ كان عيبا أكبر في نظره من عدم مساعدة إنسان مجهول لك، إلا أنه لاحظ كذلك تشابها بين الصداقة والعلاقات السياسية؛ إذ تحدث في عمله «الأخلاق» عن المواطنين باعتبارهم أصدقاء. وتتشابك الواجبات العامة والعواطف الشخصية في الروابط والجماعات التي تشكل المدينة الدولة؛ فالدول السياسية التي يحقق مواطنوها قدرا من الانسجام المتبادل تمثل نسخة عامة من الصداقة الشخصية.
أما كانط على العكس فيقلل من قيمة الصداقة؛ إذ ليس ثمة من يحرص على سعادة إنسان خير من نفسه؛ والتبادلية الكاملة بين النفوس - التي يكون تمني الإنسان الخير للآخر أساسا لحبه الخير له - ليست غير محتملة وحسب، بل على الأرجح تقسي القلوب على من هم خارج هذه الدائرة السحرية،
19
ففي الأمور الأخلاقية يرى كانط أننا يجب أن «نتجرد من الفروق الشخصية بين الكائنات العاقلة.»
20
وما لا يدركه هو أن العمومية الحقيقية لا تعني تجاهل اختلاف الآخرين بل الالتفات إلى الاحتياجات الخاصة لأي شخص يتصادف قربه. إن هذا هو الوجه الذي يمكن من خلاله أخيرا التوفيق بين الهوية والاختلاف، فالأمر ليس حب كل إنسان، بل حب أي إنسان تصادف وجوده بالقرب منك. وهذا هو مغزى حكاية السامري الصالح؛ حيث يعتبر اليهود الأكثر تعصبا في ذلك الوقت السامرية أدنى أشكال الحياة، كما هي - على نحو أكثر عمومية - أدنى صور مفهوم العمومية المسيحي. وهي بذلك تمثل رابطا صادقا بين ما هو شخصي وما هو عام. وقد اعتبر كيركجارد - الذي رأى بطريقة متزمتة أن حب الإنسان لأصدقائه تساهل مع النفس - أن الجار هو أي شخص تصادفه عندما تخرج من باب بيتك.
من هذا المنطلق، فإن كانط أبعد عن المفهوم المسيحي للحب من هيجل الذي يجتمع الرجال والنساء في رؤيته العلمانية للخلاص في عمومية الروح بكل خصوصياتهم الحسية. كما أنه يختلف عن المفهوم المسيحي للحب بافتراضه أن التضحية التي لها قيمة فعلا هي التضحية بالنفس في سبيل القانون وليس في سبيل خدمة الآخرين غير الأنانية. كما يختلف كانط مع العهد الجديد في عدم رؤيته أن الحب في العقيدة المسيحية قضية وجود فائض وزيادة تتخطى القياس وليس مسألة متعلقة بعمليات التماثل المنمقة لقيمة التبادل.
21
فهي شكل من أشكال العطاء غير المجدي، عطاء يرفض السعي لتحصيل عائد لاستثماره، ليس لأن هذا هو حال العالم لكن لأنه من غير المحتمل بتاتا أن يتلقى عائدا. فالعهد الجديد - من بين أشياء أخرى - معارض شديد للمحاسبة؛ إذ يخل الحب بالتوازنات المقدرة بدقة في النظام الرمزي برفضه الاحتفالي لحساب التكلفة وتصفية الحسابات ورد الشيء بالمثل.
سنرى لاحقا أن النظام الواقعي اللاكاني محصلته مشابهة؛ إذ يشير جاك دريدا إلى أن النبي إبراهيم «في حالة غير تبادلية مع الرب»،
अज्ञात पृष्ठ