وحين تذكر أن سيد النحل قد عرض عليه استخدام ملابسه وفراشه، راح يجوب المنزل وهو يعرج حتى وجد غرفة النوم، وقد ندت عنه صيحة امتنان حين دخل بالمصادفة الحمام الملحق بها. فقد ساعد الاستنقاع التام في المياه الساخنة ثم الاستحمام بالمياه الباردة بعد ذلك على تخفيف الوجع والألم إلى حد كبير. كما أنه استعار ملابس داخلية وجدها في خزانة أدراج داخل غرفة النوم ليمنح نفسه شعورا بالراحة، ووجد على أحد الرفوف خفين مناسبين لقدميه.
ثم هبت على أنفه رائحة طعام مطهو، وحين دخل غرفة المعيشة كانت المرة الأولى التي يرى فيها مارجريت كاميرون لدى الباب.
لم تكن مارجريت كاميرون تشبه أم جيمي مطلقا، لكن بدا عليها سيماء امرأة يجوز أن تكون نموذجا للأم في المطلق، بل النوع الأمثل من الأمهات. كان وجهها جميلا الجمال البسيط الذي دائما ما يدل على روح لا تقهر. من نظرة واحدة إلى مارجريت كاميرون يمكن للمرء أن يعتقد مطمئنا أنها تفضل الغرق وتقطيع أوصالها على التخلي عن دينها أو بلدها أو آرائها السياسية أو أسرتها. كانت امرأة طويلة، وهي رشيقة إذ لم يكن بها أوقية من لحم زائد. وشعرها أبيض وعيناها زرقاوان. مع بعض الحمرة في شفتيها ووجنتيها. وقد بدت لجيمي رائعة حين ابتسمت له.
قالت له: «لقد تلقيت اتصالا من الدكتور جرايسون هذا الصباح. حيث اعتقد أنك ستكون نائما ولم يرد أن يوقظك. وأخبرني أنك سترعى الأمور هنا حتى يعود إلينا سيد النحل. لشد ما يؤسفني أنني كنت غائبة أثناء مصابه. كانت شابة من أقاربي بحاجة ماسة إلي؛ فقد وقعت وفاة في أسرتها واضطررت إلى الذهاب إليها.»
قال جيمي: «أعتقد أنني وفرت كل ما احتاج إليه سيد النحل، وأعتقد أنني لم أضع وقتا.»
كان ثمة إيحاء بالحسم في الحركة البسيطة التي مدت بها مارجريت يديها.
قالت بلا مواربة: «ليس لدي شك أن سيد النحل حصل على كل ما يحتاج إليه. لا يوجد على وجه الأرض من يرفض أن يفعل أي شيء يطلبه منه مايكل ورذينجتون. إن قصدي هو أنه اضطر إلى الاستغاثة بغريب، من أجل النجدة التي كنت سأود تقديمها له، بصفتي صديقة قديمة العهد.»
قال جيمي بهدوء: «أدركت مقصدك.» وتابع: «يؤسفني أنك لم تكوني هنا. وأعتقد أنك محقة أنه لا يمكن لأي شخص أن يرفض له أي طلب؛ فها أنا ذا، رغم أنه لا يمكن أن يوجد في الولاية شخص أقل أهلية للقيام بما طلبه مني. لكن لأنه طلب ذلك، فإنني هنا لأحاول.»
عبرت وجه مارجريت كاميرون ابتسامة باهتة. وضاقت عيناها وهما تتابعان خط رؤية امتد في حجرة المعيشة، مرورا بالمطبخ وحجرة الطعام المدمجتين، عابرا الرواق الخلفي خارجا نحو الفراسخ الممتدة بلا عدد للبحر بعيدا؛ البحر الهادئ، المحيط الآمن الذي يبتسم ويستميل ويدعو، ونادرا جدا ما يكشف عن أنياب وفكي الوحش المتربص في أعماقه.
قالت بهدوء: «أعلم ذلك.» وأضافت: «أعلم سبب وجودك هنا، وأستطيع أن أرى أنك لست أهلا للعمل. لقد ذكر لي الدكتور جرايسون أنك بدوت في غاية التعب. لقد اعتقد أنك ربما تكون أحد جنودنا، الذين كانوا في الخارج.»
अज्ञात पृष्ठ