وإذ وفينا ما وعدناك به -من أخبار المكافأة على الحسن والقبيح- ما رجونا أن يكون ذلك عونا للاستكثار من مواصلة الخير، وتطلب العارفة في الحسن، وزجر النفس عن متابعة الشر، وإبعادها عن سورة الانتقام في القبيح، وقد قالوا: الخير بالخير والبادي أخير، والشر بالشر والبادي أظلم .. .. ، رأيت أن أصل ذلك -حفظك الله- بطرف من أخبار من ابتلي فصبر، فكان ثمرة صبره حسن العقبى؛ لأن النفس إذا لم تعن عند الشدائد بما يجدد قواها، تولى عليها اليأس فأهلكها.
وقد علم الإنسان أن سفور الحالة عن ضدها حتم لابد منه، كما علم أن انجلاء الليل يسفر عن النهار. ولكن خور الطبيعة أشد ما يلازم النفس عند نزول الكوارث، فإذا لم تعالج بالدواء، اشتدت العلة وازدادت المحنة. والتفكر في أخبار هذا الباب، مما يشجع النفس، ويبعثها على ملازمة الصبر وحسن الأدب مع الرب عز وجل، بحسن الظن في مواتاة الإحسان عند نهاية الامتحان. والله ولي التوفيق.
पृष्ठ 84