رضي عنه؟ فالذي غضب هو الذي رضي، أم الذي غضب غير الذي رضي؟ وعن الذي يعطي، أهو الذي يمنع، أم الذي يعطي هو غير الذي يمنع؟ وعن الذي يرحم غير الذي يسخط؟ فإن قالوا: الذي يفعل الخير من هذه هو الذي يفعل الشر تركوا مذهبهم (¬1) ، وصاروا إلى مذهب الحق (¬2) ، فإن قالوا: الذي يغضب غير الذي يرضى، والذي يعطي غير الذي يمنع، والذي يرحم غير الذي يسخط، فهذا من أعجب قول في الدنيا، أو ما يعلم الرجل منا أنه إذا غضب على رجل فجاءه واعتذر إليه، فرضي عنه وقبل منه، إن الذي قبل العذر فرضي هو الذي كان غضب عليه، وإن الذي منعه أولا هو الذي أعطاه آخرا، والذي ضربه أولا هو الذي رحمه آخرا.
¬__________
(¬1) - تركوا مذهبهم أي أبطلوه، واعتقدوا أن ما قعدوه من القواعد، وشرعوه من الشرائع لا يوافق الواقع، ولا يتفق مع طبيعة العقل.
(¬2) - أي ما قعده رجال الإسلام، ويتوافق مع كتاب الله تعالى وسنة الرسول _صلى الله عليه وسلم_، ورضيه جماعة المسلمين.
पृष्ठ 38