فإذا جعلتم له عيونا فلا أنتم بقول إخوانكم من أصحاب الضياء الخالص قلتم، ولا على الرواية بأنه (خلق آدم على صورته)، قلتم: وإذا جعلنا الشيء عينا ووجها وجب علينا أن نجعل له رأسا وقفا، وغير ذلك، ولو كان الأمر أيضا في قوله:{ويبقى وجه ربك} (¬1) على تأويلهم لوجب أن يهلك من معبودهم كل شيء سوى الوجه، وقالوا: الدليل على أن له يدا قوله تعالى لإبليس لعنه الله: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} (¬2) ، وقوله: {بل يداه مبسوطتان} (¬3) ، قلنا: وقد قال الله: {أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما} (¬4) ، فإن كنتم جعلتم له يدين على ظاهر هذا الكلام، اجعلوا له الأيدي الكثيرة على كلامه، إذا كان قوله: _يد_ لا يحتمل النعمة ولا غير النعمة، مما يجري على الله، ويحسن في صفته جل جلاله، وليس له وجه عندكم إلا يد مركبة في ساعد، وقد تكون اليد جارحة ، وقد تكون اليد نعمة، وتكون قوة إذا كانت اليد يبطش بها، وقد يقول الرجل: أمرك بيدي على معنى الحكم على الشيء، وليس يريد الجارحة. وقال علي بن أبي طالب: (لما خلقت بيدي) أي لما خلقت أنا، وكذلك قال: (مما عملت أيدينا) يقول عملنا، وقال الضحاك مثل ذلك. وقال الحسن: (لما خلقت بيدي) أي بأمري، واعتلوا أيضا بقوله: {والسموات مطويات بيمينه} {والأرض جميعا قبضته} (¬5)
¬__________
(¬1) سورة الرحمن آية رقم 27.
(¬2) سورة ص آية رقم 75.
(¬3) سورة المائدة آية رقم 64.
(¬4) سورة يس آية رقم 71، اليد في اللغة بمعنى النعمة والإحسان، ومعنى قول اليهود: (يد الله مغلولة) أي محبوسة عن النفقة، واليد القوة، يقولون: "له بهذا الأمر يد، وقوله بل يداه مبسوطتان" أي نعمة وقدرته، وقوله: "لما خلقت بيدي" أي بقدرتي ونعمتي. وقال الحسن "يد الله فوق أيديهم" أي منته وإحسانه.
(¬5) سورة الزمر آية رقم 67..
पृष्ठ 144