إنه يستيقظ أخيرا.
بقيت طوال ذاك الصباح جالسا بجانبه أنتظره ليفتح عينيه؛ لأحكي معه، ليقول أي شيء، شعرت بأنه لا يريد أن يستيقظ، «هل يخاف من شيء ما؟» وبقيت سويعات منهمكا في انتظاره أن يصحو.
ما إن فتح عينيه حتى التمعت ترمقني وكأنه يرى في عدوا شرسا، ربت على كتفه الأخرى، تلك التي لم تصب، وخفضت صوتي كي لا يلحظ اهتزاز كلماتي وتوتري: أشكر الله أنك بخير. - أنت؟ - ما الغريب؟ عادة ما نشكر الله على الأشياء الجميلة، الكل يفعل .. أقصد .. المؤمنون جميعهم يقولون هذا. - أنت هو الطبيب؟ - هل التقينا قبل الآن؟ - أتعرف ماذا حل بي؟ - أصبت برصاصة في كتفك، وكدت تموت لولا أني أنا الطبيب الجيد الذي يشرف على ... كفى يجب أن ترتاح الآن. - ولكني أريد .. - قلت كفى!
كان يجب ألا أستطرد في الحديث معه أكثر، مهمتي أن أعالج الجرحى والمرضى، لا أن أحكي لهم القصص، ولا أعرف لماذا صرخت في وجهه: أنا لست «حكواتيا» أتفهم؟
ظل يحملق في وجهي وتوقف عن الأسئلة .. لاذ طويلا بالصمت بينما لذت أنا بالخروج.
4 «المصاب»
الآن .. فقط الآن أستطيع أن أرى كل شيء بوضوح، كان ما أحتاجه هو فقط أن أرى لا أن أسمع .. أنا في المشفى إذن .. حسنا .. المشفى جيد والعناية على أفضل حال، والرصاصة استقرت لبعض الوقت في كتفي .. كانت تكفي لأموت لولا براعة الطبيب، ولولاه أيضا لما أصبت بالرصاصة .. يا إله التناقضات! كيف يمكن للإنسان أن يقتل ويعالج «القتيل» في آن؟
ربما لم يعرفني بعد .. ولكن كيف يمكن لقاتل أطال التحديق في عين الضحية ألا يحفظ ملامحها عن ظهر قلب؟ إنه ولا شك ينتظرني لأشفى تماما حتى يقتلني .. هذا الوغد القاتل يحضر لأمر خطير .. من المؤكد أنه يعرف جيدا أننا أعداء.
5 «الممرضة»
قلت إني والطبيب شربنا نخب الانتصار ونهاية الحرب، وما لم أقله كوني لم أعرفه البتة. إن نهاية الحرب لا تعني نهاية القتل.
अज्ञात पृष्ठ