मुहलाफा थुलाथिया
المحالفة الثلاثية في المملكة الحيوانية
शैलियों
وكان السرور والابتهاج يشملان كل الجماهير المحتشدة؛ إذ إن أكثر الحيوانات كانوا يكرهون الثعالب الكافرة، ويعتقدون بأن وجودهم مضر بالصالح العمومي، فشكروا المجلس الذي أصدر الحكم، والقاضي الذي صادق عليه، وجاءوا الآن ليسدوا شكرهم الجزيل إلى الجلاد الذي ينفذه.
فوقف إذ ذاك الجلاد بالقرب من الثعلب على الشرفة، وحلق له شعره، وعصب عينيه بمنديل، وخاطبه قائلا: أسألك لآخر مرة إن كنت تريد أن تنكر اعتقادك، وترتد عن غيك مهتديا إلى الصواب، فرفع الثعلب يده إلى السماء، وقال: «اسأله عز وجل، ولا تسألني».
الجلاد :
لا تريد أن تنكر اعتقادك إذن؟
الثعلب :
إني أموت لأن الحيوانات نيام، أما أنتم فستموتون؛ لأنهم سيكونون أيقاظا.
الجلاد :
إذا بالسلطة المعطاة لي من الثور قاضي القضاة، وبموجب الأمر الذي بيدي أرمي هذا الثعلب الكافر في النار لتطهر جامعتنا، وتنقى آدابنا من سفاهات الزندقة، التي تشوهها. (وعند ذلك رجع الجلاد إلى الوراء، وأخذ الحبل الموصول باللوح، وشد به فانسحب اللوح من تحت أقدام الثعلب، ووقع في النار المستعرة، تحته فصرخ إذ ذاك الجلاد قائلا: (فلتكمل مشيئة الله)، فكان لصرخته صدى تصاعد من بين الجمع الذي هتف مرددا: «فلتكمل مشيئة الله»، فليمت كل كافر، فليحا البغل والحمار والحصان.)
أما الثعلب، فلما انسحب من تحت أقدامه اللوح، ووقع في جوف النار المستعرة صرخ صرخة مرعبة هائلة، وكان لم يزل مالكا على عقله عندما هتف الجمع المحتشد: «فلتكمل مشيئة الله»، فحركته عواطفه الفطرية لتذكر خالقه، فهتف معهم بصوت يخنق اللهيب: (فلتكمل مشيئة الله)، وبعد مضي برهة من الزمن أصبح الثعلب رمادا، فسرت الحيوانات، وصعد بعدئذ الحمار والبغل والحصان إلى الشرفة ليشكروا الله، ويتوسلوا إلى العزة الإلهية كي تساعدهم دائما على استئصال شأفة كل كافر ملحد، ولم يكد الحصان يلفظ اسم الخالق حتى حدث في الجو اضطراب عظيم، فاكفهرت السماء، وهطلت الأمطار، وتساقط البرد كالحجارة، وجالت ريح عاصفة في أرجاء الفضاء تجر وراءها البرق والصواعق، وبقي هذا الحال مدة نصف ساعة، فوقف الجميع مرتعشين خائفين، ثم انقشعت الغيوم، وظهر من ورائها الأسد راكبا أوتومبيلا كبيرا، فوقف فيه وخاطب الحصان والحمار والبغل قائلا: «اطلب رحمة وليس ضحية، قلت لكم: حبوا أعداءكم، قلت لكم: لا تدينوا لئلا تدانوا، قلت لكم: مثلما تريدون أن يفعل الغير بكم افعلوا أنتم بهم أيضا، قلت لكم: لا تقتلوا، بأي جسارة ترتكبون هذه الجرائم الفظيعة، ومن ثم تقولون: إنها من أجلي؟ أي متى قلت اذبحوا وأحرقوا إخوانكم من أجلي؟ بأي كتاب قلت عذبوهم، واطردوهم، وأحرقوهم، واسجنوهم من أجلي؟ أما والحق أقول لكم: إنكم دنستم اسمي، وافتريتم علي، وأفسدتم تعاليمي، ويل لكم من العقاب الشديد الصارم، ويل لكم حين تقفون يوم الدين لتجاوبوا عن كل جريمة ترتكبونها باسمي من أجل مطامعكم، وغاياتكم الذاتية!» فتشجع عند ذلك الحمار، ونفض عن جسمه غبار الرعشة، وخاطب الأسد بصوت خافت قائلا: ألم تقل لنا: «أما أعدائي الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فآتوا بهم ها هنا واذبحوهم قدامي»، فصرخ الأسد إذ ذاك صرخة مرعبة قائلا: «هذا كذب باسمي وافتراء علي، فأنتم أفسدتم تعاليمي، ونقحتموها على ما يوافق أذواقكم، ويساعدكم على نيل مطامعكم، بأي جسارة تضيفون عليها هذه الآيات الشيطانية، فكيف أقول لكم حبوا أعداءكم، ثم أناقض نفسي بنفسي، وآمركم بذبح أعدائي، الحق أقول لكم: إن جرائمكم عديدة، وويل لكم في الآخرة، فاذهبوا من أمامي، ولا تتجاسروا على تكرير هذه الأعمال الفظيعة»، وتلبدت إذ ذاك السماء بالغيوم، وغاب الأسد في أوتومبيله عن الأبصار.
أما الحصان والبغل والحمار، فذهبوا إلى إسطبلهم منكسين وجوههم خاسئين، وبينما هم سائرون ذات يوم على طريق السكة الحديدية؛ إذ صفر قطار العلم القائد عربات البخار والكهربائية والاختراعات، ومر عليهم جميعا فسحقهم سحقا، وتطايرت رءوسهم، وبقايا أجسادهم في الجو، وتشتتت أعضاؤهم المتقطعة على طريق التمدن الحديث ا.ه.
अज्ञात पृष्ठ