فأما الذي نعلم دلالته إلا أنه يعسر معرفة ما يدل عليه فإنا نعلم أن الشمس إذا سارت في برجها ثانية أو ثالثة أو عاشرة أو أقل من ذلك إنه يتغير الهواء بعض التغيير وقد نعلم أيضا أنه إذا حرك الفلك الأعلى الشمس رابعة أو خامسة أو ما كان من الحركة صاعدا أو هابطا إنه يحدث من تغيير الهواء بالحر أو بالبرد أو يغير ذلك من اختلاف حالاته حال خلاف الحال التي كان عليها في الوقت الآخر ويحدث في الحيوان والنبات والمعادن تغييرات الكون والفساد
وكذلك يحدث فيها كلها من التغيير من قوى حركات سائر الكواكب إلا أنه لا يمكننا أن نعلم كمية ولا كيفية ذلك التغيير والاختلاف وهذه الأشياء وما أشبهها من دلالات الكواكب والأشياء المدلول عليها فإن صاحب صناعة الأحكام وإن جهل حقيقة كميتها وكيفيتها فإن ذلك لا يضره في صناعته لأن غرض صاحب صناعة الأحكام في علمه الاستدلال من قوى حركات الكواكب على الأشياء الكائنة في هذا العالم من الأجناس والأنواع الموجودة وحالات الأركان الأربعة وانتقال بعضها إلى بعض وابتداء كون الأشخاص وفسادها وحالاتها التي يمكن معرفة مثلها من ظاهر دلائل الكواكب وموجودها فهذا غرض صاحب هذه الصناعة
पृष्ठ 240