والعلة الثانية التي من أجلها بدؤوا بالحرارة أن الحرارة عنصر الكون والبرودة عنصر الفساد وإنما يكون الشيء أولا ثم يفسد بعد ذلك فلذلك بدؤوا بالحرارة عنصر الكون وجعلوها في الطرف الأول وجعلوا البرد عنصر الفساد في الطرف الآخر
والعلة الثالثة أن الحالات التي تضاف إلى الحيوان إنما هي فيما بين كونه إلى فساده فجعلوا الركنين الفاعلين للكون والفساد في الطرفين وهما الحرارة والبرودة وجعلوا الركنين القابلين للانفعال في الوسط وهما اليبوسة والرطوبة
والعلة الرابعة أن كل كون وفساد يحدث في هذا العالم الذي دون فلك القمر إنما يكون حدوثه بدلالات الأجرام العلوية والنار أعلى وألطف هذه الأركان الأربعة وأقرب إلى الأجرام العلوية وإلى فلك القمر الدال على حالاتنا العامية فلهذه العلل جعلوا النار التي عليها قوة الحرارة أغلب في الطرف الأول حين رتبوا طبائع البروج وجعلوا الماء الذي عليه قوة البرودة أغلب في الطرف الآخر
पृष्ठ 200