فمن هذه الجهة علمنا أن لسائر الكواكب شركة مع الشمس في الدلالات على الأهوية وتفصيل الأشخاص من الأنواع وتركيب كل شخص وكونه وعلى طبائع المدن وحالات أهلها وما يكون فيها من الأشياء ئلا إلا أن الشمس أعم دلالتها على الأهوية وتركيب الأشخاص والنفوس الحيوانية وامتزاجها مع البدن والخلق والأخلاق والملل والديانات والمعادن والنبات والنشوء بإذن الله فأما الكواكب فإن أعم دلالاتها على زي أهلها وسائر حالاتهم
ومن فعلها في الأهوية أيضا أن الهواء ئنما إنما يضيء بالشمس والقمر ويظلم بغيبو بتهما عنه وإذا تباعدت الشمس منه يبرد وإذا قربت منه يسخن وكذلك نجد فعل القمر والكواكب في تسخين الهواء وترقيقه ولذلك قال إ بقراط الحكيم في كتاب الأسابيع إن نور الكواكب يسحق صفاقة الليل فإن الليل صفيق جدا لا تنفذه الأبصار فضوء الكواكب يسحق تلك الصفاقة فتنفذ فيها الأبصار ولو لم يكن ذلك كذلك لفسد كل بدن حي من شدة كثافة الليل فأما النهار فإن الشمس بحرارتها تسخن الهواء وتسحقه وتلطفه فلذلك خلق الخالق البارئ عز وجل الكواكب متحركة نيرة يتسحق الهواء بنورها وتحميه وترقه بحركتها ليقبل طبيعة الكون والفساد
पृष्ठ 256