70

أتينا لبذل المهج دونكم، لا لتخريب البلاد كما يفترى علينا. وكفانا دليلا صدق بلائنا في الله والجنسية والوطن، وتعريض النفس للأخطار والمحن؛ وما وضعه عليكم ذلك المستعمر من الضمانات المثقلة إثر اعتدائه عليكم لدليل لا يحتاج إلى دليل.

أتاكم ذلك المستعمر ليسلبكم النعم الثلاث (الأعيان والحرية والدكتورية).

أتاكم ليسترقكم فتكونوا غير أحرار.

أتاكم ذلك المستعمر ليأخذ منكم أسلحتكم فتكونوا غير ذكور.

أتاكم ليخيفكم بقوته وينسيكم أن الله بالمرصاد فتكونوا غير مؤمنين.

لذا ندعوكم للحياة والاجتماع والذب عن الوطن، وعدم الإصغاء لكل دسيسة تفل عزمكم وتبدد حميتكم.

وأستعين الله لي ولكم فيما نحن بصدده.

ثم كتبت للنواحي بأنني نائب ملك سوريا، ودعوت أعضاء المؤتمر السوري، للحضور إلى معان، وكذلك كل ضباط الجيش السوري ومجندوه طلبتهم للحضور إلى معان للقيام بالواجب. وتلقيت أجوبة من مشايخ البدو في الشمال غير مشجعة، وكذلك وردتني أجوبة من بعض كبار الضباط العرب يشترطون نقل حقوقهم التقاعدية على الحكومة الهاشمية بالحجاز فيما إذا أخفقت الحركات ضد فرنسا في سوريا، وقالوا إنه إذا قبلت الحكومة الهاشمية هذا يحضرون وإنه إذا لم تقبل الحكومة في الحجاز هذا الرجاء فإن عذرهم قد وضح.

ثم التحق بي إلى معان من الذوات المعروفين: عوني بك عبد الهادي، وكامل بك البديري، وذوات غيرهم يفدون ويرجعون. ولقد طلب منا المرحوم كامل بك البديري ثمانين ألف جنيه ليؤسس أقلام استخبارات ودعاية، وكذلك طلب نبيه العظمة مائة وعشرين ألف جنيه للغرض نفسه؛ بالطبع فإنني كنت لا أملك شيئا مما يطلبون، وكان مركزي المالي في غاية الصعوبة.

أما عامة الشعب في سوريا فكانوا على حماس تام. ولقد لاح لي من هذا كله أن الحركة إن لم تكن مؤيدة بالمال، فإنها لا تقوم لها قائمة، وكان الظن مني أن الوطنية الحقة ستسوق الناس إلى دفع ما يملكون لحفظ أوطانهم وعزتهم القومية.

अज्ञात पृष्ठ